كتاب محمد أبو زهرة إمام الفقهاء المعاصرين والمدافع الجرئ عن حقائق الدين

حزم، فهو صاحب علم واسع غزير وفضل كبير، ولكن حدته في الجدل،
وصراحته في القول ومنهاجه الذي اختص به: جعل فقهاء عصره ينفرون منه،
ويحرضون الأمراء والحكام عليه، فتعرض للمحن والشدائد.
ئم انتقل إلى بيان الصعوبات التي واجهته في دراسة هذا الإمام وهي:
الصعوبة الأولى: لم تكن شخصيته نمطاً واحداً، وإنما تعددت فيها
المظاهر، فتجد 5 أحياناً يتحدث عن العشق والعشاق حديث من ذإق طعم
الحب، وعرف ما تعتلج به نفس المحب، وما يختلج في ثنايا صدر 5 من لواعج
العشق. وفي بعض الأحيان تراه يكتب في الفقه والحديث والفرق، ويجادل
خصمه مجادلة خشنة قاسية، فيصك خصمه صك الجندل، وينشقه في حججه
إنشاق الخردل، فالتوفيق بين هذين المظهرين صعب يحتاج إلى دراسة عميقة
لحياته.
والصعوبة الثانية: أن ابن حزم وضع أصولاً فقهية خاصة، تختلف في
جوهرها مع أصول المذهب الظاهري، وهذا ما يجعل التمييز بين المنهاجين
المتقاربين في أصل الفكرة صعباً عسيراً.
والصعوبة الثالثة: أن ابن حزم فزع فروعاً كثيرة تجاوزت ظاهر النصوص
الشرعية، في حين أنه أنكر القياس أشد الإنكار، فكيف نف! ر تلك الكثرة من
الفروع.
والصعوبة الرابعة: أنَ ابن حزم تلقى العلم من الكتب التي كانت متداولة
في عصره، وهذا يجعل تحديد شيوخه صعباً عسيراً. كما بئن الكاتب في التمهيد
عدم تقيده بمنهجه في دراسة الأئمة السابقين، حيث أضاف إلى منهاجه السابق
دراسة اسلوب ابن حزم في نثر 5 الفني، دهان كان ذلك لم يكن من عمل الفقهاء،
فإنه لم يصح أن يفوت من يترجم لابن حزم. كما أضاف إلى منهاجه بعض
نواحي أنشطة ابن حزم المختلفة. وأما القسمان الدراسيان فتناول فيهما حياته
وعصره وفقهه.
199

الصفحة 199