كتاب محمد أبو زهرة إمام الفقهاء المعاصرين والمدافع الجرئ عن حقائق الدين

المقومة لأقدار الجماعات، والمقومة لأقدار الأشخاص، فبمقدار ما يكون
للرجل من المال يكون سلطانه في المجتمع، وبمقدار ما ينتج من مادة يكون
أثر 5 في البناء الاجتماعي، وبمقدار ما يكون لأمة من الأمم من ثروة في إنزال
الأرض واستخراج ينابيعها، وسيطرة على موارد المال يكون نفوذها السياسي،
ويكون تأثيرها في توجيه العالم نحو ما تبغي أو يبغي لها الطامعون فيما تحت
أيدي غيرها ممن هم دونها ثروة وقدرة على الاستغلال.
ففي الغرب فصلوا الدين عن أعمالهم، وجعلوا الأديان في المعابد،
وابتدعوا ثلاثة مذاهب، المذهب الأول: يجعل السلطان الكامل لرأس المال،
فكل إنسان وما يملك، وملكية الرجل في ماله مطلقة لا يحدها قيد من القيود إ لا
ما تضطر الدولة لفرضه أحياناَ في اضيق حدود. والمذهب الثاني: نشأ كردة فعل
لمظالم النظام الرأسمالي السابق، حيث جعل المال تحت سلطان الجماعة،
فبدأ بإلغاء الملكية الفردية، ولكنه اعترت بعد ذلك بها في حدود ضيّقة0
وبين هذين النظامين اللذين اجتذبا الحبل الاقتصادي نشأ المذهب الثالث
وهو ما يسفَى بالمذهب الاشتراكي، فهو لا يطلق إرادة الشخص من غير قيود،
وهو لا يمنعها منعاَ مطلقاَ، بل هو بين هؤلاء وهؤلاء، ويعتبر أصحاب هذا
المذهب الملكية وظيفة اجتماعية اقتصادية، وليست حقاَ شخصياَ للشخص،
ويجعلون الملكية تحت سلطان الدولة توزعها بالطريقة التي تراها. وهذ5
المذاهب الثلاثة تثفق في كونها مادية لا تقيم للقيم والمعنوياب وزناً.
وقد استرعت بعض هذه المذاهب رجالاَ ممن يتسمون بالعلم الديني
فأخذهم زخرت بعضها، فحاولوا إخضاع الحقائق الدينية لحكمها، فمنهم من
استباح سلب الملكية من الاَحاد سلباً مطلقاَ، ومنهم من حاول أن يثبت أن نظام
الفائدة يقبله الإسلام.
أما الاقتصاد الإسلامي فهو نظام مستقل ليس بتابع لأي مذهب من
المذاهب السابقة، ولو وجدت بعض المقررات المتشابهة بين هذا النظام وبعض
205

الصفحة 205