كتاب محمد أبو زهرة إمام الفقهاء المعاصرين والمدافع الجرئ عن حقائق الدين
هذا بالإضافة إلى ان حفظ القراَن في الصغر يقوي الحافظة والإرادة عند
المتعلم، ويمكنه من اللغة العربية والنطق السليم بها. وقد عقَب الشيخ ابو زهرة
على ابن خلدون الذي استحسن للمتعلم تأخير حفظ القرآن الكريم إلى ما بعد
المرحلة الأولى حتى يُمْكِنَه ان يفهمه في الجملة، فيحفظ ما يفهم بقوله: " لا
نستحسن ما استحسنه ابن خلدون؟ لأن من يتجاوز المرحلة الأولى تتقاصر
همته عن حفظ القراَن، فلا يحفظه ولا يفهمه، ولأننا لاحظنا أن الذين يحفظون
القراَن في مراحلهم الأولى تقوَم السنتهم، ولأن الإجبار على الحفظ فوق انه
يقوي الحافظة ويرهفها، فهو يقوي الإرادة ويشحذها، إذ إن الإرادة تقوى في
الطفل بتعود 5 قهر رغباته واهوائه، واستهدافه إرضاء مربيه ب! رادة مختارة قوية،
ولذلك لا نجد في الناشئة التي تربى بالترغيب فقط إرادة قوية حازمة عند ما تصطدم
رغباتهم بموجب العقل وقوانين الاجتماع. اما الذين يتربون رغباً ورهباً فإنهم
يكونون ذوي إرادة ضابطة تحول بينهم وبين التردي في موبقات الهاوية " (1).
رابعا -التحاقه بالمدارس الراقية:
بعد ان حفظ الشيخ محمد الكثير من القراَن في الكُئاب، وتعلم فيها
مبادى الكتابة والقراءة والحساب، انتقل إلى المدارس الراقية التي تعلَم العلوم
المدنية من تاريخ وجغرافية ورياضيات وكيمياء وفيزياء. هذا بالإضافة إلى علوم
العربية وآدابها والدراسات الدينية المنهجية وغير ذلك. يقول الشيخ عبد المعز
الجزار في وصف هذ 5 المدارس: "التحق بالمكاتب الراقية، وكان منهاجها
كمنهاج المدارس الابتدائية القديمة لولا أنه ينقصها اللغة الإنكليزية، ولكنه
استعيض عنها بدراسات دينية وعربية! (2) ويقول أبو بكر عبد الرزاق عن هذ5
(1)
(2)
تنظيم الإصلام للمجتمع، لمحمد أبو زهرة، ص 173.
مقال الشيخ عبد المعز الجزار عن الشيخ محمد أبو زهرة ضمن كتاب أبو زهرة
في راي علماء عصره، لأبي بكر عبد الرزاق: 2/ 6 1 2.
28