كتاب محمد أبو زهرة إمام الفقهاء المعاصرين والمدافع الجرئ عن حقائق الدين
المطلب الثالث: وظائفه
(الوظائف) جمع (وظيفة) وهي تطلق في اللغة (1) على ما يقدر للإنسان
من مال يسد به حاجته، وكذلك أطلقت على ألسنة الصحابة والفقهإء السابقين،
فيقال: لفلان وظيفة في بيت المال إذا كان له عطاء مقدر مستمر منتظم يجيئه كل
شهر، وقد صارت الوظيفة تطلق على العمل الذي يقوم به الإنسان في الدولة،
ويتقاضى عليه أجراَ. والموظف الذي يقوم بهذه الوظيفة يؤدي خدمة عامة
للمسلمين، وحكمها فرض كفاية على جماعة المسلمين، فإذا كان يقوم بعمل
إداري ف! نه يقوم بفرض كفاية، هاذا كان يقوم بعمل هندسي لإقامة القناطر
والسدود والجسور فإنه يقوم بفرض كفاية، واذا كان يقوم بالتدريس فإنه يقوم
بفرض كفاية، هاذا كان يقوم بالقضاء فإنه يقوم بأقدس الفروض الكفائية؟ لأنه
يقيم ميزان العدالة، وهي أعظم ما بعث له النبئون. هذه نظرة الشيخ أبو زهرة
للوظيفة، فهي تكليف وليست مغنماَ يغنم، ومتعة يستمتع بها. وإنما هي قربة دنه
تعالى. من هذا المنطلق أقدمَ الشيخ أبو زهرة على تولي وظائف الدولة وبخاصة
التدريس. وفيما يلي بيان للوظائف التي تولاها الشيخ، وهي لا تخرج عن
التدريس والعمل اكاديمي (2).
اولآ -التدريس في تجهيزية دار العلوم:
بعد أن حصل الشيخ أبو زهرة على شهادة مدرسة القضاء الشرعي ودبلوم
دار العلوم، سنة (927 1 م)، عيَّن مدرساَ للعلوم الإسلامية والعربية في تجهيزية
دار العلوم بعقد مؤقت يبدأ بتاريخ 0 1/ 0 927/ 1 ام، وينتهي في 14/ 1 1 /
928 ام. والمفروض أن يترك العمل في هذا التاريخ؟ لكن المفتش الشيخ
(1)
(2)
المصباح المنير، للفيومي: 2/ 5 1 9.
مقال الوظيفة والموظف للشيخ، مجلة لواء الإسلام، عدد (4)، 1962 م،
صر،225.
45