كتاب محمد أبو زهرة إمام الفقهاء المعاصرين والمدافع الجرئ عن حقائق الدين

قنعت، وكنت مدرساً يُقذَر بين تلاميذ 5، وأولياء أمورهم، وعزفت عزوفاً كاملاً
عن الدروس الخصوصية، وجاءتني رجاءات كثيرة من أولياء أمور الطلبة لاَخذ
دروس خصوصية، فكنت أردها، وأقصى ما أوافق عليه لولي أمر طالب أ و
تلميذ، وأنا أدزس في المدارس الثانوية أن أنقل التلميذ إلى فصولي التي أدرس
فيها. وحدث أن كنت أدزس بالسنة الأولى بالمدارس الثانوية، ولم أشعر بأن
عندي مقدرة لتفهيم طلبة السنة الأولى، فأعملت الحيلة لأستطيع أن أدرِّس
للطلبة الإنشاء والمطالعة والمحفوظات فجعلتها درساً واحدأ 0 فالطلبة يطالعون
في المطالعة، فأرى قطعة أدبية، أقول لهم لخصوا لي هذ 5 القطعة فيستفيدوا
إنشاء، أو أشرح قصيدة المحفوظات فأطالبهم باختيار ابلغ كلماتها ليستعملوها
مرة وا ثنتين.
وأما في النحو فكنت ألزم الطلبة بالإنصات المطلق، وأنا رقيب عليهم،
فمن تلفت يميناً أو شمالاً أطالبه بأن يقول الكلام الذي كنت أقوله. وإلا أخذت
بعنقه وبادرته باللطم على خده. فكنت عندما أبتدئ درس النحو ألاحظ ا ن
الطلبة يفتحون أعينهم. ووقع في يدي من هذا النوع طالب كان أبو 5 وكيل وزإرة
التجارة والصناعة فرآني الناظر، واعطاني كشفاً فيه أسماء الطلبة وأسرهم.
وقال لي: هذا اَدم ابوه بواب، وهذا ا لذي كنت تضربه أبوه وكيل وزإرة، فلا تهتم
بأمثال هؤلاء؟ لأنهم يحضرون مدرسين خصوصيين. قلت للناظر: اجمع هذا
وأشبإهه وأرسلهم إلى الفصول الأخرى، واجمع لي أبناء البوابين واشبإههم من
الفقراء لأعلمهم، فإني أتعب في هذا الدرس، وأريد أن يكون هذا العمل قربة دئه
تعالى. فقال الناظر: ألا تغضب إذا نقلت هذا الطالب من درسك؟ فقلت: لا.
فاتصل (الناظر) بأبيه وكيل الوزارة، وعرض عليه أن ينقله من فصلي إلى فصل
من الفصول الأخرى، وكانوا ستة فصول، فقال له وكيل الوزارة: إذا كان مدرس
العربي يدرس أي فصل فانقله إليه. فقال الناظر: أنا انقله لأني رأيت مدرس
العربي يضربه. فقال: إذن قد وقع، أبقه في الفصل؟ لأني أحضرت له مدرسين
47

الصفحة 47