كتاب محمد أبو زهرة إمام الفقهاء المعاصرين والمدافع الجرئ عن حقائق الدين
والمقوم الثاني: الوفرة في العلم، فما كان يأتي ذكر مسألة او مشكلة إلا
وتدفق علمه في تأصيلها وبيان اوجهها ومراجع القائلين فيها، وكان هذا مما
يبهر الحاضرين، ويشهد له بذلك كل من استمع إليه - كما سنبين في مكانته
العلمية -.
والمقوم الثالث: مواقفه الشجاعة الجريئة.
والمقوم الرابع: اخلاقه الرفيعة المتعالية على سفساف الأمور. هذا
بالإضافة إلى حسن المظهر، وجمال الخِلْقة، وقوة الجسم، فقد كان رحمه الله
حسن الهندام والمظهر يهتم بأناقته، ونظافة لباسه. وكان رَبعة لا هو بالطويل ولا
القصير، ابيض اللون مشرباَ بحمرة، جهير الصوت. كما يقول الجزار: "كان
رحمه الله متوسط الطول، ممتلئ الجسم، ابيض اللون، مشرباً بحمرة، جهير
الصوت، واضح النبرات، شديد الإيمان بما يقول، حلو الحديث، جميل
الشمائل، حاضر النكتة، وناصع الظرف، كئ! العقل، حر الفكر، مستقل
الراي، يمزج في محاضراته العلم الجاد الوقور بالدعابة الحلوة الخفيفة لما (1).
وبمناسبة الحديث عن شخصيته لا بد من التذكير بمفتاح هذه الشخصية
الذي اشرت إليه في نشأته وتكوينه العلمي، وهذا المفتاح هو: الاعتزاز
بالنفس، وبما يحمل من فكر ورأي، وبغضه للاستبداد والسيطرة.
وسوف اتكلم في هذا المطلب عن مواهبه، وأخلاقه، ومواقفه، وفيما
يلي بيان ذلك:
اولأ-مواهبه:
اوتي الشيخ ابو زهرة مواهب متعددة ساعدت على ان يحتل مكانة مرموقة
(1) مقال عبد المعز الجزار، ضمن الكتاب السابق: 2/ 0 22.
56