كتاب محمد أبو زهرة إمام الفقهاء المعاصرين والمدافع الجرئ عن حقائق الدين

يحمل ورقة ولا قلماَ، ولا بحثاَ معداَ، ولا موضوعاَ معيناَ يتحدَث فيه. . كان
يكفيه أن يعرت موضوع الندوة أو اسم المحاضرة (1). ثم يضيف ابنه: "من
الأمور التي تمير بها والدي رحمة الله عليه أنه طوال حياته لم يسجل ارقام
تلفونات لأحد من أصدقائه، ولكن كل الأرقام مختزنة بذاكرته، فعندما يريد أ ن
يطلب أحد الأقارب أو الأصدقاء أو الزملاء كان يدير قرص التلفون طالباَ إياه،
حتى ولو مضى على اَخر اتصال أو لقاء سنة أو سنتين او أكثر. . . باختصار لم
يكتب رقم تلفون في حياته، ولم يطلب من أحد منا تسجيل رقم، أو عنوان
خاص به " (2).
3 - البشاشة وحب الفكاهة وسرعة البديهة:
كان رحمه الله يتمتع بطلاقة الوجه عند لقاء غيره من زملائه وطلابه
ومحبيه، ويُسر لهذا اللقاء، ويبادرهم بالفكاهة والمزاح والمرح والدعابة. كما
أن محاضراته وندواته وجلساته لا تخلو من ذلك، فهو يضفي عليها من روحه
المرحة الفكاهة والدعابة المتزنة. ويعتبر ذلك أمراَ مستحسناَ للمتكلم
والسامع، فهو يقول: "في الناس أفراد يعتقدون أن رجل الدين يجب أن يكون
كل مظهره متزمتاَ، لا موضع فيه لنادرة أو لفكاهة أو لمداعبة، وأولئك يظنون أ ن
الوقار والغلظة معنيان متلاقيان أو مترادفان، والحقيفة أن الدعابة ترويح
للنفس، فهي تروح عن نفس المتكلم، وتروح عن نفس السامع، وكلما كانت
نادرة في القول، لا لغو فيها ولا إكثار تكون أمراَ مستحسناَ" (3).
وبشهد للشيخ رحمه الله كل من حضر محاضراته أو ندواته بذلك. فيقول
الدكتور آحمد خليفة: "لعل البعض كان يرا 5 غاضباَ احياناَ، ولكنه لم يكن
(1)
(2)
(3)
المصدر السابق نفسه.
المصدر السابق نفسه.
المصدر السابق، ص 0 6.
60

الصفحة 60