كتاب محمد أبو زهرة إمام الفقهاء المعاصرين والمدافع الجرئ عن حقائق الدين

والزعماء في عهده ومن هؤلاء: جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، وسعد
زغلول. فهو يقول: "وهكذا رأينا في عصرنا سلسلة من أعظم رجالات التاريخ
تنطق بالحق، واشتهرت بالصراحة في غير عوجاء ولا لوجاء، رأينا الإمإم جمال
الدين الأفغاني، ومن بعده صفيه وتلميذه وصديقه الإمإم محمد عبده، ثم رأينا
تلميذهما سعد زغلول، وكانت أقوالهم الصريحة صإدعة بالحق، تصك آذان
إسماعيل وتوفيق وعباس ثم فؤاد، ورحم الله آخر السلسلة سعداً، وهو يقول
لفؤاد في قوة: "دولة الطلم ساعة، ودولة العدل إلى قيام الساعة " (1).
إن تخصيص سعد بذكر موقفه مع الملك فؤاد من قبل الشيخ أبو زهرة دون
الآخرين يدل دلالة واضحة على حبه له وإعجابه به، وارتباطه بمواقفه، فقد كان
رحمه دئه يحفظ خطب سعد زغلول، ويرددها في خطبه ومحاضراته وندواته
ويقول فيه: "إن مزية سعد زغلول أنه زعيم جماهيري لا يشق له غبار" (2) ويقول
فيه في اَخر حياته: "ولما جاءت السياسة في ثورة (9 1 9 1 م) أثار إعجابي الشديد
الذي لا حد له ولا حدود بسعد زغلول، لأنه اقترنت سمعته بوقوفه في وجه
الخديوي حتى أُثر عنه أن الخديوي أغضبه بكلمة ربم! لا تغضب غيره، فصك
أذنه بكلمة شديدة على الخوان، فعلمت أنَ هذا رجل حقاً وصدقاً، وهو الذي
احتل اعلى مكانة في نفسي إلى اليوم. وقد تتبعت حياته فوجدتها كلها اعتزازاً
بشخصه ورأيه ومقاومة لسلطان الملوك. كنت أقرأ كلماته فاهتز اهتزازتي
الكاملة لقوله، والخديوي يسيطر، واللورد (كتشنر) يحكم ويضغط، وسعد
يقول: يعلم سمو الأمير وجناب اللورد (كتشنر) أني لست آلة في يد احد غير
نفسي. .! (3) هذا بالإضإفة إلى انه كان يقلده في الإشارة، وكان معجباً بقوة
(2)
(3)
مقال الصراحة والمداراة والنفاق، للشيخ، لواء ا لإملام، عدد (2)، 6 6 9 1 م،
ص 92.
مقال عبد الحليم رمضان، ضمن الكتاب السابق، ص 86.
تجربتي مع الحياة، للشيخ، ضمن مجلة الهلال، ص 4 5.
73

الصفحة 73