كتاب محمد أبو زهرة إمام الفقهاء المعاصرين والمدافع الجرئ عن حقائق الدين
ولم يكتف الشيخ رحمه الله تعالى بهذا الرد الموجز، دمانما كنب مقالاً في
مجلة الواء الإسلام) بعنوان: (ان قول الحق لم ياع لي صديفأ) (1). ونسب هذه
المقولة إلى أكثم بن صيفي، حكيم العرب في الجاهلية، وأحد المعمرين،
وأحد المحكمين في المنازعات بين الناس والقبائل. جاء في المقال: "إذا
كانت كلمة الحق في ذاتها صعبة الاحتمال تحتاج إلى قوة نفسية إذا كانت مخالفة
وليست موافقة، وكانت في صيغة صادعة، ولم تكن في عبارة عاطفة، فإن
الصداقة قد تزيدها صعوبة، فتشق الإحساس شقاَ، ويتالم الصديق من صديقه إذا
جابهه بعيب فيه، أو خطا في قول أو فعل، ف! نه إذا لم يكن ذا وعي وقدرة دمادراك
وكانت المحبة وثيقة، ولم يعلم أن خير الأصدقاء من يهدي إلى صديقه عيوب
نفسه، ولم يدهن معه في قول ليخفي عنه عيوبه، فإنه في هذه الحال يظن انَ تنبيه
الصديق جرح وقطع للمودة، وأنه كان يجب عليه أن يداري ويواري ولا يصارح
أو يجابه، ويظن أن المصارحة تهجم والمكاشفة تجهم.
وإذا كان الصديق من ذوي المناصب أو ممن لهم في الأمور العامة ولاية،
ويتبرمون بالنقد ولو حقاً، فإن الصديق يصعب عليه أن يؤدي واجبه في قول
الحق. ف! ذا قال له ما ينبغي سراً أهمله، لمان قال له علناً ظن أنه انضم إلى
خصومه، ونزع ولاية الصداقة وولاء المحبة، واعتقد أنه خصم له وليس ولياً،
وحيسئذ تذهب الصداقة ضياعاً" (2).
ثم ذكر الشيخ تجربته في هذا المجال فقال: "لقد اختبرنا الله اختباراً
شديداً في ناس كانت لهم في نفوسنا منزلة، ولنا بهم مودة موصولة، وكنا
نحسب أنهم يطلبون منا أن نعاونهم بكلمة الحق. . فوضعنا تحت أيديهم كلاماً
كتبناه لغيرهم، ولم نرد ان يجعل الخطاب موجهاً لهم حتى لا يحسبوا ان كلامنا
(1)
(2)
لواء الإسلام، عدد (1)، سنة (0 2)، 5 6 9 1 م، ص 2 2.
المصدر السابق نفسه.
76