كتاب محمد أبو زهرة إمام الفقهاء المعاصرين والمدافع الجرئ عن حقائق الدين

المطلب الخامس
حياته الدينية والاجتماعية الخاصة
حرص الشيخ محمد ابو زهرة على تكوين اسرة خاصة تتصف بما اتصفت
به اسرته التي نشأ بها من التدين والتماسك والتكافل، وكان هو القدوة العملية
لهذه الأسرة، وفيما يلي اهم مظاهر هذه الحياة الخاصة به من اجتماعية ودينية.
اولأ - تكوين الأسرة الخاصة به:
بعد ان انتهى الشيخ ابو زهرة من التحصيل العلمي فكر في إنشاء أسرته
الخاصة، فاختار شريكة حياته، وعقد زواجه عليها سنة (1929 م)، ولكنه لم
يدخل بها إلا عام (931 ام) وذلك لانشغاله بالعمل خارج بلدته (المحلة
الكبرى) بسوهاج كما ذكرت سابقاَ. ولا يعني هذا التأخير في الزواج زهده في
النساء، ولكنه كان يعتبر العلم وتحصيله من اولى الأولويات في حياته، ولا بد
ان يأخذه بقوة وجد لا هزل فيه، كما يقول: "لقد كانت حياتي وأنا في ميعة الصبا
جادة لا هزل فيها، فلم تصبني صبوة الشباب، فما ماعت نفسي لحبَّ استغرقها،
ولا لشهوة جامحة دفعتها، لا لكره في النساء، ولكن لجدَّ في العمل. ولما نلت
مطلبي من العلم أخذت أفكر في النساء للزواج فتزوجت، وكان حبي لزوجي
وأولادي. وأحسب أن هذا هو الحب (يقصد الحب بعد الزواج) الذي يدوم،
وهو الذي ينظم حياة الإنسان، وغيره (يقصد الحب قبل الزواج) سهوات
حيوانية لا تدوم ولا تستمر، وكل زواج بُني على حب شهواني لا يبقى؟ لأنه
سرعان ما يفتر. ولذلك يقول بعض الناس: الزواج يقتل الحب: اي الحب
الشهواني. أما الحب الزوجي فيعيش وينمو، ولا يفتر ابداَ" (1).
ومما يدل على حبه لزوجته تالمه لما أصيبت بكسر، حيث قال:
(1) تجربتي مع الحياة، لمحمد أبو زهرة، مجلة الهلال، ص 56 - 57.
92

الصفحة 92