كتاب محمد أبو زهرة إمام الفقهاء المعاصرين والمدافع الجرئ عن حقائق الدين
فيهما المعاني التي كان يستشعرها عند كل حركة يتحركها، وكل شعيرة يقوم
بها، وكل مشكلة تعرض له منذ أن خرج من منزله إلى أن عاد إلى وطنه، فهو
يقول:
1 - خرجنا من منازلنا وقد ارتدينا رداء الإحرام، فانتوينا النسك والخروج
إلى بيت الله الحرام، وكأنما كان ذلك الارتداء إشعاراَ حسيأ بأننا اعتزمنا رحلة
من مهبط الأرض وأعلاقها إلى مراقي الروح وسمائها.
2 - ولقد امتطينا من بعد ذلك متن طائرة أخذت تقطع أجواز السماء
" لمجمرِ أدئَهِ مجيىيفإ رَمُزسَفآ " اهود: 1 4). وكان ذلك التحليق الحسي في عنان
السماء رمزاَ للتحْليق النفسي في سماء الروح، وقد استشعرنا عظمة الله وتكريمه
ل! نسان في عقله، وقد سخر له ما في السماوات وما في الأرض، وقلنا
مجتمعين في صوت جهير مؤمنين: " سمبْحَق اتَذِى سَشَرَلنًاهَذَا وَمَا! نًا لَهرُ
مُقرِنينَ " أ الزخرف: 13).
3 - سارت بنا الطائرة في هواء رخاء، وكل نفوسنا وألسنتنا قد اتجهت إلى
تلبية نداء اللّه في أرضه ودعوته في ضيافته قائلين بصوت واحد ينبعث من القلب:
"لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا
شريك لك ". فكانت المشاعر قبل الجوارح تلبي.
4 - شارفتنا مكة الطاهرة المطهرة. . . وقد دخلناها وأنوارها تتلأ لأ، وما
إن حططنا الرحال حتى سارعنا إلى البيت المعظم، فأخذنا نطوف بهذا البيت
العتيق.
راينا 5 فرأينا بنية تتعالى إلى السماء، وكأنها تتصل في سمتها بكل شرائع
السماء، ارتفاعها له حد، ولكنه في النفس وفي خيال الذكريات، وفي معنى
366 ا هـ-سبتمبر، اكتوبر 57 9 1 م، ص 362، ص 1 2 4.
95