مدخل
ظهرت أكثر كتب مالك بن نبي تحت عنوان (مشكلات الحضارة) ذلك
لأنه يعتبر أنَ مشكلة كل شعب هي في جوهرها مشكلة حضارته، ولا يمكن
لشعب أن يحل مشكلته ما لم يتعقَق في فهم العوامل التي تبني الحضارات أ و
تهدمها، والمسلم اليوم لا يعيشُ حالة حضارة، وإئما هو من (بقايا حضارة)؟
فالمجتمع الإسلامي ظل خارج التاريخ دهراً طويلاً، وهو الاَن ينشدُ النهضة؟
ولكئه مصابٌ بأمراض اجتماعية وفكرية، ومضى أكثر من نصف قرن (1)
والأطباء يعالجون أعراض المرض وليس المرض.
وليس العلاج بأن نشتري منتجات حضارة أخرى ونكدّسها، فمهما بلغ
هذا التكديس من ناحية الكم، فهذا قلبٌ للمعادلة، لأن الحضارة هي التي تنتجُ
أشياءها، وليست الأشياءُ هي التي تنتج الحضارة. والذي ينبغي العمل له
والاتجاه إ ليه هو: كيف يعود المسلم إلى حلبة التاريخ؟ كيف يعود ليكون عنصراً
اساسيأ في تركيب حضارة؟.
فالإنسان - وهو الأساس الأول - لا بذَ ان يتعلَّم كيف يكون لبنةً في (البنيان
المرصوص) فهذا المسلم الذي لا ينقصه الإخلاص لا يستطيعُ مجابهةَ مشاكله،
ولا كيف يحلها؟ لأنَه تعلَم وأخذ الشهادات، ولكنَه لم يعشْ في ثقافةٍ تجعله أكثر
فعالية. هناك انفصامٌ بين المبد أ القراَني والتطبيق العملي.
يدور فكر مالك إذن على تخليص المجتمع الإسلامي من أمراضه أو ما
__________
(1) أي: عند زمن تاليف كتبه - رحمه الله - في الخمسينيات والستينيات من القرن
العشرين.
101