كتاب مالك بن نبي مفكر اجتماعي ورائد إصلاحي

لا يرى الأثر السلبي للاستعمار في عرقلة النهوض، إن لم نقل محاولة إحباطه،
وسيتحدَث المؤلف بالتفصيل عن الاستعمار في كتابه (الصراع الفكري في البلاد
المستعمرة). ونوجز هنا رايه وهو: إنَ اسوأ ما يقوم به الاستعمار هو تحطيم
نفسية المُستعمَر والإنقاص من قيمته بطرق فنية ماكرة؟ فالاستعمار من الوجهة
التاريخية يُعتبَر نكسة في تاريخ الإنسانية، وأصولُه تعودُ إلى رومة الاستعمارية،
وعندما جاء الإسلام كان تجربة جديدة في تاريخ العلاقات بين ا لشعوب.
والمؤلف هان كان دقيقاً في فهم نفسية المُستعمِر، ولكنَه يركز كثيراً على
(القابلية للاستعمار) ولا يذكر انَ الشعوب العربية والإسلامية كانت مهيأة
للنهوض، والمؤلف وهو جزائري لا بدَ انه يعلمُ أنَ الجزائر قبل الاحتلال
الفرنسي - ورغم ضعف وفساد إدارتها -كا نت قويةً، وكانت الصناعات في الشام
ومصر تكفي أهلها، ويمكن تطويرها، ولكن الاستعمار الأوروبي بأساليبه
وقوته العسكرية حطم كل هذه البدايات. الاحتلال الفرنسي والبريطاني أضعفَ
شعوب المنطقة، وحطم زراعتها وصناعتها، والمؤلف شاهد في طفولته وشبابه
كيف حاولت فرنسة فصل الأمة عن لغتها وتاريخها ودينها، وشجعت المقاهي
والحانات وبيوت الدعارة، وحاولت فصل ا لبربر عن بقية المجتمع.
لا شك ا! القابلية للاستعمار موجودةٌ؟ فالانانية وحب الرئاسة ولو على
حساب المبادئ، والضعف الأخلاقي، وعدم وعي الشعوب لما يجلب لها
المصلحة ويبعد عنها المفسدة، وبشكل عام التخفف الحضاري الذي يجب أ ن
يكون محلَ دراسة عميقة، كما يجب ألأَ ينسى في هذا المقام ما قام به مؤسس
علم العمران المؤرخ ابن خلدون من تحليل للمجتمع الإسلامي، وذكر العلل
الرئيسة التي أصابته، مما لا يذكره مالك بن نبي او لا يركّز عليه وهو الاستبداد
السياسي.
! لا! ث!! لا
124

الصفحة 124