كتاب مالك بن نبي مفكر اجتماعي ورائد إصلاحي

هذا العالم الذي يسميه المؤلف (ما بعد الموحدين) هو الذي اصطدم
بالحضارة الغربية في القرن الثاني عشر (1)، أو أنّ هذه الحضارة هي التي
اكتشفته (2) كما يعبر المؤلف.
إن إنسان اوروبة استمد غذاء5 من الأرض (حضارة زراعية) وتكؤَنت لديه
فكرة العمل اليومي والروح التعاونية، ثم دخلت عليه النصرانية لتعطيه الاتجاه
نحو العموم، وجاءت (الديكارتية) لتنظم نشاطه علمياً، وفي الحروب الصليبية
جَنَتْ اوروبة حصادأ طيباً من الحضارة الإسلامية مما جعلها تقوى بعدئذٍ
وتنفصل عن بقية الإنسانية.
وفي العالم الإسلامي نسجَ الإسلامُ حضارته العظيمة، وجعل القرآنَ من
العربي ذي النزعة الفردية إنسانأ متحضرأ، تشهد بذلك مدن الأندلس والحواضر
الكبرى مثل: دمشق وبغداد والقيروان والقاهرة. حتى إذا جاء القرن الثامن
عشر كان هذا العالم مشلولَ النشاط، وقد فوجئ بحضارة عاتية مستعمرة تدق
ابوابه (3).
(1)
(2)
(3)
الحفيقة ان أوروبة منذ سقوط غرناطة (1492 هـ) وهي تحاول الالتفاف على
العالم الإسلامي وغزو شواطئه، وكانت قوة الدولة العثمانية تحول دون ذلك،
والصراع على شواطئ المتوسط (في الجزائر مثلاً) كان قبل القرن الثامن عشر،
ثم ضعفت الدولة العثمانية، واسثطاعت البرتغال الوصول إلى شواطئ البحر
ا لأحمر والمحيط الهندي، ثم جاءت بريطانية وفرنسة.
وكانه كان مجهولأ!.
لا شك أن اوروبة تقدً مت في نواحي العلوم المختلفة في القرن السابع عشر
والثامن عشر، بينما كان العالم ا لإسلامي بعيداَ عن هذا التقدم، ولكن يجبُ ألاّ
يغيب عن البال أنً إرهاصات النهضة الصناعية كانت متوفرة، وكانت دمشق
والقاهرة تصنع ما يحتاجه أهلها، ولكنّ ا لصناعات ا لاوروبية وبأسا ليب استعمارية
دمّرت الصناعات كما دمّرت محاولات النهوض بأساليب سياسية وعسكرية.
127

الصفحة 127