كتاب مالك بن نبي مفكر اجتماعي ورائد إصلاحي

مثل: اقتصار التعليم على تحفيظ القرآن دونَ تفسيره، واستبعاد تدريس الادب
العربي، واستبعاد تدريس التاريخ الإسلامي أو تاريخ ا لجزا ئر.
كما تدخلَ هذا الاستعمارُ في تعيين أئمة المساجد. يقول أحد كبار
الموظفين الفرنسيين في الولاية العامة الفرنسية في الجزائر (بيرك): " لقد وصل
بنا امتهانُ واحتقارُ الدين الإسلامي إلى درجة أننا أصبحنا لا نسمجُ بتسمية
المفتي أو الإمام إ لا مِنْ بين الذين اجتازوا سائر درجات التجسس " (1).
هذا الاستعمار يُصْدِرُ قوانين عجيبةً لم يُسمَع بمثلها حتى في الدول
الاستعمارية الأخرى، مثل قانون الأهالي (الائديجينا)، وهو يبيجُ لاضغر حاكم
فرنسي ان يسجنَ الجزائري (الأهلي) خمسةَ ايام ويغرّمه خمسة عشر فرنكاً، وله
أن يضاعفها دون سؤال ولا جواب، وإذا كانت رتبةُ الحاكم كبيرة فيحقّ له أ ن
يزيدَ في العقوبة حتى تصل إلى النفي خارج الوطن لمدة عام، دون أن يتمكَّن
الجزائرفيُ من الدفاع عن نفسه.
وفي أواخر عام (1870 م) استصدر النائب الفرنسي اليهودي (كريميو)
مرسوماً يمنحُ بموجبه يهودَ الجزائر الجنسية الفرنسية، وكان ذلك سبباً في فتج
باب التقدّم لليهود في مجال الاقتصاد والثروة والتحكم في رقاب الجزائريين،
وصدر قانون اَخر يمنح الجنسية الفرنسية للأجانب (الأوروبيين غير الفرنسيين)
وذلك لتكثير نسبة الأوروبيين، ولجعل ا لجزائر فرنسية.
وفي عام (1905 م) قررت الحكومة الفرنسية فصل الدين عن الدولة،
وطبق هذا القرارُ على جميع الأديان ما عدا الدين الإسلامي؟ فقد ظلَّ تعيينُ أئمة
المساجد ورجالِ القضاء تحت سلطة الحكومة الفرنسية، واحتكرت لذلك
اموال الأوقاف (2).
(1)
(2)
هام الغزي، بنى ا لإسلام، ص 0 0 2، دار اسامه، دمشق (92 9 1 م).
عبد الرحمن الجيلالي، تاريخ الجزائر العام: 4/ 327.
13

الصفحة 13