كتاب مالك بن نبي مفكر اجتماعي ورائد إصلاحي

عندما يتحدَث شاهدُ عيان على المجازر والظلم الكبير الذي لحق
بالجزائريين يضطر للتوقف عن الكتابة وعن التفكير لهولِ ما حدثَ. يقول
حمدان بن عثمان خوجة (1) (1773 - 1845 م): " إئه ليؤلمنا كثيراً أن نذكرَ هذ5
التفاصيل؟ لأنَ المؤزخ أيضاً إنسان، وهو مجبَر على أن يتوقَف عن التفكير وعن
الكتابة، ليتحشَرَ على بعض أفعال الناس " (2).
كانت بيانات فرنسة قبل الاحتلال تفيضُ رقةً وإنسانيةً!! يقول أحدُ هذه
البيانات: "نحن الفرنسيين أصدقاؤكم، إننا لا نغزو المدينة لنصبحَ سادةً
عليكم، انضفوا إلينا، كونوا اهلاً لحمايتنا، إننا نتعهَدُ باحترام كنوزكم
وأملاككم وديانتكم، إننا اصدقاء، فابعثوا لنا نؤَابكم فإننا نتفاهم معهم " (3).
وقد أشاع هذا الاحتلال الفرنسي انهم سيعودون إلى بلادهم تاركين
الجزائر لتصزفات ممثل الخلافة العثمانية، وأئهم سيأخذون بعض المدن
الساحلية، ويتركون الباقي بأيدي الوطنيين؟ وما كان كل ذلك إلا نوعاً من
التدليس والدعاية الكاذبة، وريثما يستتمث لهم الأمر (4)، وسرعان ما نكثوا
(1)
(2)
(3)
(4)
(من العاملين في الحركة الوطنية بالجزائر)، بعد دخول الفرنسيين نظم
الجزائريون أول حزب سياسي بزعامته، عرف بلجنة المغاربة أو حزب
المقاومة، قارع الاستعمار الفرنسي بقلمه ولسانه، فنفاه الفرنسيون من
الجزائر، سافر إلى استانبول، وعمل مترجماَ في مطبعة الحكومة، وكان من
اصحاب المال والجا 5 في الجزائر.
المرآة، ص 249، وهو يذكرنا بتوقف المؤزخ ابن الأثير عن الكتابة عن محنة
المسلمين بوصول التتار إ لى بلادهم.
هذه البيانات ممجوجة مكرورة، ولكن الفوم لا يستحون، فقد قالها نابليون
عندما غزا مصر، وقألها ستالين للمسلمين في اسية عندما احتاج إليهم في
الحرب العالمية الئانية، وتقولها اليوم أمريكة في غزوها للعراق.
عبد الرحمن الجيلالي، تاريخ الجزائر العام: 4/ 2 1.
14

الصفحة 14