كتاب مالك بن نبي مفكر اجتماعي ورائد إصلاحي

بقيمه في سائر محن الحياة، والإسلام قد صقل الإنسانَ في شروط أقرب ما
تكون إلى أخلاق الحضارة؟ فالفلاح الذي يعلم أننا نأتي لننفذ فيه حكماً يلمج
قدومنا من بعيد، وسرعان ما يطلبُ من زوجه أن تعدَ القهوة للضيوف " (1).
هذه الأخلاق الإيجابية حدت ببعض السطحيين من العربيين وبعض
تلامذتهم في الجزائر أن يصفوا الفلاح الجزائري بالسلبية تجاه ما يصيبه من
ابتلاءات أو ظلم.
بعد العمل التطؤعي في محكمة تبسة، جاءه الجواب من النيابة العامة
تعرض عليه العمل في ثلاث محاكم كمعاون قضائي، واختار محكمة (أوفلو).
كان ذلك في عام (1927 م) حين وصل مالك إلى أوفلو في منطقة وَهْران
غربي الجزا ئر، هنا وجد مالك الجزائر المفقودة، الجزائر البكر، بعيدا عن ا يدي
الاستعمار. في اوفلو لم يكن ثمةَ فنادق ولا مطاعم؟ كان منزل الشيخ بن عزوز
هو الفندق، وقاعة الضيوف هي قاعة الطعإم، وهكذا أصبج المعاون القضائي
واحدأ من أعضاء مائدة الشيخ بن عزوز "كانت أوفلو بالنسبة لي مدرسة، تعفَمتُ
فيها أن أدركَ فضائل الشعب الجزائري، كانت هذه فضائلَه بالتأكيد في سائر
أنحاء الجزائر قبل أن يفسد منها الاستعمار، كنتُ أجد نفسي كانني في متحف
حفظت فيه تلك الفضائل التي ضاعت في ناحية اخرى بسبب الاتصال المهين
بالحدث الاستعماري " (2).
ومن هذه الفضائل التي يتحدَث عنها مالك: الكرم الذي ليس له حدود؟
فحين تمر رحلة من رحلات المحكمة، وتتفادى مضرباً من مضارب هؤلاء
القوم، كان صاحبُ المضرب يغضب غضباَ شديداَ، ويصزُ على النزول عنده،
(1)
(2)
مذكر ات، ص 2 6 1.
ا لمصدر ا لسا بق، ص 4 7 1.
30

الصفحة 30