وتقديم الغداء "والناس في المدن لا يستطيعون فهم هذه العقلية أو ذلك النبل
الذي يجري في عروق البدوي إ (1).
في أوفلو رأى مالك رجل الفطرة الذي سَلِمَ من أوضاع المدنية وعقدها
ومباذلها، رأى صاحب العجينة الإنسانية الطيبة التي احتوت بعض السذاجة،
وقدراَ عظيماَ من الفضائل؟ ففي المدن وفي موضوع الدعاوى والمحاكم
"يستطيع كل فريق أن يقدمَ عشرة شهود زور بالمجان لمجرد روح التعصب
لفريق دون اَخر، وشهود كل من الطرفين سيحلفان أنهما يقولان الحقيقة، أما
في أوفلو فقد لاحظتُ الرجل يرفض غالباً أن يحلف ولو كان ذلك لدعم حقه
الواضج " (2).
وقد تنبَه مالك في أوفلو إلى شيء خطير: ماذا لو جاء المستعمر ليحتلّ
الأرض؟ ففي نظر المستعمر ونظر القانون الفرنسي فإن هذ 5 الأرض ليست ملكاً
لأحد. كان مالك ينصحُ السكانَ أن يحرثوا أكبر مساحة ممكنة من هذ 5 الأرض
لتكونَ ملكاَ لاضحابها، وليمارسوا حقهم الاجتماعي عليها0
في هذ 5 الفترة كانت وتيرة الإصلاح بقيادة الشيخ عبد الحميد بن باديس
تتصاعد، وقد أنشأ الشيخ العقبي نادي الترقي في العاصمة، وفي تبسة أُنشئ نادٍ
ومسجد ومدرسة، وجُمعت التبرعات من الأهالي، وبدأت بوادر الحركة
الإصلاحية تصل إ لى وهران.
انتقل مالك بعد أوفلو إلى محكمة شلغوم العيد (شاتودان)، وكانت هذ5
البلدة مركزاَ كبيراَ للمستعمرين، ولم ينسجم مالك مع أعضاء المحكمة،
فاستقال وعاد إلى تبسة، وفي جلسة مع والد 5 ووالدته قرر الذهاب إلى فرنسة،
(1)
(2)
ا لمصدر ا لسا بق، ص 4 7 1.
المصدر السا بق، ص 76 1.
31