ولكن هذه المرة لإكمال الدراسة وليس للعمل، كان والده يريدُ منه دراسة
الحقوق، وفي عام (0 93 1 م) كان في طريقه إلى بإريس.
المرحلة الثانية: في باريس (البلد المستعمِر ((0 93 1 - 956 1 م)
في صبيحة يوم من شهر أيلول (سبتمبر) حطَ مالك رحاله في بإريس،
وفي محطة اليون) في بإريس وجد نفسه في خضئم الحضارة الغربية؟ ولائه أخذَ
حظاً من الثقافة الإسلامية والغربية، لم يقفْ من هذه الحضارة موقفَ المهزوم
من داخله، بل راح يتأمَلُ هذه الحضارة، ويكتشف الجوانب الإيجابية
والجوانب السلبية؟ إثه علم الاستغراب - إذا صخَت التسميةُ - الذي نحتاجه
لمعرفة الغرب من الداخل.
ففي بداية وجوده في بإريس ساقته رجلاه ذات يوم إلى متحف الفنون
والصناعات؟ حيث راى الجانب التقني للحضارة، وراى جانب الفعالية عند
الفرد في الغرب (والفرنسي ما إن يخرجُ من مكتبه أو مصرفه حتى يصيرَ في بيته
نجاراً وحداداً وكهربائياً، ولا ريبَ انَ الأطفال ينشؤون في هذا الاتجاه، وفي
الجزائر لا يجد رجل الريف في بيته مطرقة ولا مسماراً ليصلحَ محراثه، بينما
يُبْتَلى رجلُ المدينة بلعب (الدمينو) (1).
وحين كان يتأمل وجوه الناس في الشوارع، كان يشعر باطمئنانهم (2)؟ أ ما
مالك فكان يشعر بأئه أجنبي بكلّ ما تتضفَن حياته من مشكلات خاصة، ويبقى
(1)
(2)
المصدر السابق، ص 1 2 2.
لاحظنا هذا في وجوه الغربيين في ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين،
ومالك يتكلم عن عام (930 ام)، والسبب: هو أنَّ الغربيئَ منسجم مع دولته،
ويشعر بالارتباط والانتماء، وكثرة المنظمات الأهلية والخيرية تعطيه نوعاً من
الاطمئنان من الناحية المعاشية، مع ان العقود الأخيرة شهدت ايضأ كثرة
مشاكلهم الاجتماعية والنفسية وتدهور ا لأخلاق بشكل كبير.
32