كتاب مالك بن نبي مفكر اجتماعي ورائد إصلاحي

الهثمُ عند 5 هو الانتساب لمعهد الدراسات الشرقية ليُكْمِلَ بعدها دراسة الحقوق
كما يرغب والده.
وتقذَم للمعهد، ولم يكن اختبارُ القبولِ صعباً، وثقافةُ مالك تؤهّله
للنجاح، ولكنَّه - مع خيبةِ الأمل - لم ينجج، وليس هذا كل ما فىِ الأمر، بل
أشعر 5 المدير (الوقور) بعدم الجدوى من الإصرار على الدخول إلى معهده،
واكتشف مالك (أنَ الدخول لمعهد الدراسات الشرقية لا يخضع - بالنسبة لمسلم
جزائري -لمقياس علمي، هانَّما لمقياس سياسي) (1).
بعد هذه المحاولة أشار عليه أصدقاؤ 5 بالانتساب إ لى مدرسة اللاسلكي،
وهكذا غئر اتجاهه من الدراسات النظرية إلى الدراسات العملية، وانتسبَ إلى
مدرسة اللاسلكي بدرجة مساعد مهندس، وقد افادته هذه الدراسة العلمية-
العملية "وفُتِجَ لي بابُ عالم جديدٍ يخضع فيه كل شيءِ إ لى المقياس الدقيق للكئم
والكيف، ويتسم فيه الفرد بميزات الضبط والملاحظة " (2).
لقد دخل إلى الحضارة الغربية من باب اخر، وإنكبَّ على تحصيل العلم
بلهفة ودأب، بل بنشوة الطفل البريء الذي وضع في يد 5 جهاز لعب جديد، ثم
تحؤَلَ بعدئذِ إ لى دراسة الكهرباء والميكانيك بإشارة من أ حد أ سا تذته.
إنَّ جذورَ تكؤُن سخصية مالك بن نبي بدات في تبسّة وقسنطينة بقراءاته
الغزيرة وملاحظاته الدقيقة لحالة بلد مُستعمَر، وملاحظاته للتغيرإت الاجتماعية
للشعب الجزائري التي راففت بقاء المستعمر مدة طويلة، ولكنَّ تكوُّن شخصية
مالك المفكر نضجت وأخذت أبعادها الحقيقية والكبيرة في هذه المرحلة،
مرحلة التفكر في الحضارة الغربية ولقاء الاتجاهات القادمة من المشرق،
(1)
(2)
مذكر ات، ص 6 1 2.
ا لمصد ر ا لسا بق، ص 9 1 2.
33

الصفحة 33