كتاب مالك بن نبي مفكر اجتماعي ورائد إصلاحي

قبيح وغير نظيف، وقد نمَت فيه هذا الإحساس بجمال الأشياء زوجتُه الفرنسية
المسلمة - مع وجود الاستعداد الشخصي عند 5 - .
ومِنَ السمإت البارزة في طباعه ما يتحدث به عن نفسه، فيقول: "كان
انحطاط وسطي (1) يزعجني ويحزنني كثيراً (المطعم، الطلاب، المقهى).
وسط هذه البيئة بدأت تظهرُ بعضُ السمإتِ الرئيسة في طبعي، كنت أجاهِرُ
بأفكإري مجاهرةً صريحةً فظةً، ولا أزال أذكر ذلك الطالب من (خنشلة) كانت
فيه بلادة واضحة، فكنت أصرخ فيه بفظاظة: "ما بك: تحزك "، لم يكن زميلي-
وهو ابن العائلة العريقة والخلق الرفيع - ليبدي أي إشارة تدذ على فراغ صبره،
بل كان يبتسم ابتسامة يخفي وراءها ارتباكه. . إنني أدرك الاَن ا! هذه الصفة تعدّ
اساسية في نفسيتي وخصالي، وعلى أساسها يمكن تفسير الكثير من تصرفاتي
في الحياة فيما بعد، وخاصة افتقاري للمرونة. . . " (2).
ومما يؤكد هذه الصفة ما ذكره في زيارة للمستشرق وخبير الحكومة
الفرنسية (ماصنيون) يقول: "ما جلستُ إلأ قليلاً حتى دق جرس الباب، وقام
الأستاذ، وتغئب هنيهة، ثم رجع يستاًذني: أئه السيد حسني الأحمق، هل ترى
مانعاً إذا أدخلته المكتب معنا؟ فقلت بصرامة ودون تلطف: لا يا سيدي ا لا أريدُ
أن اراه. لقد فاتني أن موقفي كان في منتهى عدم اللياقة بالإضافة إلى كونه خطأً
سياسياً، ولم يَبْدُ على وجه ماصنيون ائ تغيّر، وبعد اربعين سنة أتذكر، إنني
أخجلُ من هذا السلوك. . . " (3).
كان مالك ذا همة عالية، واجه صعاباً كثيرةً في حياته، سواء كان ذلك في
الجزائر أم في فرنسة، وعانى من البحث عن عمل، ولكنه لم يضعف ولم
(1)
(2)
(3)
في الجزائر.
مذكرات، ص 73.
ا لمصدر ا لسابق، ص 1 4 2.
50

الصفحة 50