كتاب مالك بن نبي مفكر اجتماعي ورائد إصلاحي

اجزائها، ثم ينسقُ ويركبُ ويجتهدُ في إيجاد الحلول، والفكرُ لا يستحق أ ن
يكونَ فكراً بمعناه الصحيح إلأ إذا رسمَ طريقَ الإصلاح.
وفي المعاجم العربية: الفكرُ هو إعمالُ النظرِ في الشي ءِ، وفي (مفردات
الراغب الأصبهاني): "الفكرُ مقلوبٌ عن الفرك، ولكن يستعمَلُ الفكرُ في
المعاني، وهو فرك الأمور وبحثُها طلباً للوصول إلى حقيقتها " (1).
دفع القراَن الكريم المسلمين إلى آفاق واسعة عندما طلب منهم النظرَ
والتفكُرَ في الكون وفي الإنسان، وفي تاريخ الرسل والأمم، حتى يتتئعوا منهجَ
البحث والتحليل، وان مسالةَ النهضةِ من المسائل التي تستحق التفكيرَ العميق
لمعرفة الأسباب التي تؤدي الى عودة الأمة الى الشهود والحضور، ومعرفة
البدايات الصحيحة، وموقع العلم وموقع العمل.
وبصدد البحث عن وسائل النهوض، برز دعاةٌ يريدون تقليد الحضارة
الغربية بحلوِها ومزها، وهم ث! ةٌ قليلةٌ من اصحاب النفوس التي يسكنها الهوى
والغرض (والغرض مرض) كما يُقال، وبرز ايضاًالمصلحون، الذين يرون أنَ
نهضةَ الأمة لا تكونُ إلا بالإسلام - عقيدةً وشريعةً وحضارةً - وهؤلاء هم
الاكثرون، وهم المنفتحون على الأخذ من الحضارة الغربية أو غيرها ما هو نافع
وصحيح لكل تفدم إنساني. والنهضةُ الحديثةُ بتياراتها المختلفة من الحركات
الإصلاحية إلى الحركات الفكرية والإحيائية قامت بجهودٍ لا بذَ أن تسخلَ لها
وتُذكَرَ، ولكئها في الوقت نفسه لم تستطع أن تكت! الأمةَ في مشروع كبير، أ و
حمل الأمة على الاقلاع الحضاري. وتيارُ التجديدِ والإصلاح لم ينقطع حتى في
العهود التي ضعفَ فيها العلمُ (2). ولكنَ مشكلة المفكر المسلم أو العالِم المسلم
(1)
(2)
انظر: عبد المجيد النجار، عوامل الشهود الحضاري: 2/ 47 1.
كمحاولات المرتضى الزبيدي في إحياء اللغة العربية ونشر علم الحديث في
مصر. ومثل نقد الشيخ حسن البدري الحجازي لمشايخ عصره في قبولهم=

الصفحة 6