كتاب مالك بن نبي مفكر اجتماعي ورائد إصلاحي

هجرت القيم المسيحية العليا، واستبدلت بها قيماً دنيوية خالصةً " (1).
وكما يقول السيد محمد رشيد رضا: كانت النصرانية وشياً على طرإز
الحضارة الغربية.
3 - الدورة الحضارية التي يؤمن بها مالك، هل هي فكرة علمية واضحة
المعالم؟ وهل هي صحيحة بحد ذاتها؟ عندما يطبقها مالك على الحضارة
الإسلامية لا اراها دقيقةً؟ ففوله: إن العالم الإسلامي عاد إلى حالة قبلية مترحلة
غير صحيح، بل هذه نظرة الأوروبيين السطحية إلى العالم الإسلامي في القرنين
الثامن عشر والتاسع عشر.
لا شك ان الأمة الإسلامية مزَت بحالة ضعف وتخلّف وما تزال، ولكنها
امة متجدد! كما أخبر الرسول ع! و: "ان اللهَ يَبْعَثُ على رَاسِ كُل قَرْنٍ مَنْ يُجَدِّدُ
لِهَذِهِ الأمةَ أَمْرَ دِيْنِهَا". ولعله استوحى هذه الفكرة من المؤزخ الألماني (شبنجلر)
الذي يقول: "إن الحضارة تمز بمراحل العمر التي يمر بها الفرد؟ فلكل حضارة
طفولتها وشبابها وشيخوختها" (2). وقريمث منه تقسيم المؤرّخ الإيطالي (فيكو)
الذي قسم دورة التاريخ لكل امة إلى: المرحلة الدبنية (مرحلة البطولة)، مرحلة
التمدن والنضج، ثم الانحدار، إئه تقسم حاد للتاريخ الإسلامي هو أقرب إلى
عقلية المهندس منه إلى عقلية المؤزخ.
واذا كانت الحضارة عند (توبنبي) و (شبنجلر) ومالك بن نبي لها روحها
وعقلها وانحطاطها؟ فهناك مدرسة حديثة تتحدث عن التاريخ العالمي، وتعتبر
الحضارة مجالاَ من مجالات هذا التاريخ وليست وحدةً منفصلة؟ فالعالم
يتواصل عبر تبادل السلع وعبر تبادل الأفكار.
(1)
(2)
رياح العصر، ص ه 0 1.
أفول الغرب: 1/ 18 2، ترجمة أحمد الشيباني، مكتبة الحياة، بيروت.
66

الصفحة 66