ولم يوافق الشيخ على قرارات المؤتمر كلها، بل ندد بها بعد ذلك وقال:
"مددنا إلى الحكومة الفرنسية يداً؟ فإن مذَت إلينا يدها فهو المرادُ، وإن ضيّعت
فرنسة فرصتها، فإننا نفبض أيدينا، ونغلق قلوبنا، فلا نفتحها إلى الأبد، وإن
الذين كانوا معنا يوم قابلنا رئيس الوزراء (بلوم) باسم المؤتمر، يعلمون أنهم
رجعوا وأيديهم فارغة، ولم يصدق لا الرئيس ولا الوزير أنَّ فرنسة تَعِدُ وتُخْلِفُ،
والجزائر تنخدع وتطمع، أما نحن فلا تسلمنا المماطلة إلى الضجر، وإنما
يدفعنا اليأس إلى المغامرة والتضحية، وكذب رأي السياسة وساء فأ لها " (1).
يقول الدكتور محمود قاسم حول القضية: "ولذا فإننا نميل إ لى أن نخالِفَ
صديقنا الكبير الأستاذ مالك بن نبي في رايه بعض المخالفة عندما عاب على
جمعية العلماء انها انزلقت إلى ميدان السياسة فأضاعت شيئاً كثيرإً من مبادئها،
على أننا نوافقه تماماً إذا كان الأمر بصدد انزلاقهم إلى الانتخابات المزيفة التي
انساق إليها الجميع ابتداءً من سنة (947 ام) أي بعد وفاة ابن بادي! بسبع
(2)
سنوات. . . ".
إنَ العلماءَ من امثال ابن باديس والسياسيين الكبار كالثعالبي وأرسلان
ينظرون للأمور نظرةً واقعية، نظرة فيه! حصافة وتدبير؟ حيث يَرَوْنَ الحال التي
هم فيهإ، ولكن مالكأ ينظرُ نظرة مثاليه، أو يفكر للمستقبل البعيد، ومن هذه
الزاوية انتقد مالكٌ دخولَ بعض العلماء والسياسيين في المصالحة بين ابن سعود
وإمام اليمن، وكان من رايه تأييدَ ابن سعود لتخلُفِ الدولة اليمنية في عهد آ ل
حميد الدين.
(1)
(2)
محمد الميلي، ابن باديس وعروبة الجزائر، ص 0 18.
الإمام عبد الحميد بن باديس، ص 0 3، والعبارة الأخيرة توحي بائه ربّما لو كان
ابن باديس حئأ لم يكن ليقعَ هذا الانجرارُ. والله أعلم.
75