ثم إنَّ مالكاً تحذَثَ في مذكراته بأنَّه لم يكن نزيهاً كل النزاهة في تخوّفه من
تسليم جمعية العلماء المقاليد لفئة الحاملين للشهادات الجامعية " إذا كان لي
غرضٌ يشاركني فيه حمودةُ بنُ الشَاعي، وهو ان نكونَ نحن الاثنان الوارثين
لجمعية العلماء؟ لأننا نظنُ في أنفسِنا الجدارةَ لخوضِ المعركةِ السياسيةِ مع
المحافظة على الخط الإصلاحي " (1).
وقد لاحطتُ أنَ حِذَةَ النقدِ لجمعية العلماء زادت بعد رجوع مالك إلى
الجزائر؟ ففي تقويمه لما كتب في بدايات النهضة، وكتابات شكيب أرسلان
والأفغاني ومحمد عبده، يرى ان هذه الكتابات كانت تنطلق في صورة شعلات
دفاعية او جدالية؟ فهي أعمالٌ للتبرير، وليست أعمالأ للبناء والتوجيه، ويضيف
بعد ذلك في تقويمه لجمعية العلماء: "والإصلاح الجزائري نفسُه لم يكن
بالإجمال سوى مجادلة ضد المرابطية والاستعمار" (2).
واما مقدم الكتاب صديقه الدكتور عبد العزيز الخالدي فيقول: " لقد قام
الشيخ ابن باديس ومدرسته بجهدِ محمودٍ في هذا الاتجإه، وإن لم يحقّقا ذلك
التحرر تحققاً تاماَ؟ لأن طريقةَ سيرهما قد ظ! ت رهينةً لكل مِن علم الكلام
والمغئبات. . . " (3)!!.
إنَ جمعية العلماء لم يكن هفُها الوحيد المجادلةَ الطرقية التي يسمّيها
مالك المرابطية، وإن كانت محقةً في هجومها على الطرقية، لاَثارها المدفرة
على الإنسان الجزائري، ومالك كان يؤئد الجمعية في هذا الجانب، ومجادلة
الجمعية للطرقية وللاستعمار كان تمهيداً لمرحلة أخرى، والجمعيةُ قامت ببناء
المدارس ونشر العلم، وأعادت الثقةَ للشخصية الجزائرية.
(1)
(2)
(3)
مذكرات، ص 4 0 3، وهذا اعتراف يُشكَر عليه، لما فيه من نقد ذا تي.
آفاق جزا ئرية، ص 7 4.
اَفاق جزا ئرية، ص 0 1.
76