كتاب مالك بن نبي مفكر اجتماعي ورائد إصلاحي

ربما يكون تركيز مإلك على هذا المصطلح؟ لأنّ كثيراً من المسلمين
يحاولون تعليق تخففهم وضعفهم وقلّة حيلتهم على الاستعمار، فأراد مإلك أ ن
يُرجِعَ المشكلةَ إلى سببها الأول، وهو القابلية للاستعمار، أي: إلى الخسائر
التي ألحقناها بأنفسنا قبل ان نتحذَث عن الخسائر التي ألحقها بنا الاَخرون،
مطابقة لقوله - تعالى -: " قُل هُوَ مِن عِندِ أَنفُسِمكتم " أ آل عمران: 165 1، وإلا
فكيف استطاعت شركة تجارية إنكليزية أن تحتلّ الهند؟ ومإذا نقول عن هولندة
الدولة الصغيرة التي استطاعت إخضاع الجزر الأندونيسية، والبرتغال التي
قضمت أطرافاً من إفريقية واَسية، ويضرب مإلك مثالاً في كلِّ كتبه على هذه
الفكرة وهي ان هناك دولاً وشعوباً لم يدخلها الاستعمار، ولم يخرّبها كما فعل
في مناطق أخرى، ولكئها م! زالت متخلِّفةً مثل اليمن.
وهناك شعوبٌ لم تقبَل الاستعمارَ كالشعبِ الإيرلندي مع الإنكليز، أ و
الشعب الألماني الذي لم يقبل بالهزيمة ولا بسيطرة مَن انتصروا عليه بعد
الحربين العالميتين الأولى والثانية.
"إنَّ المجتمع الياباني والمجتمع الإسلامي دخلا المدرسة الغربية في
الوقت نفسه (0 186 م)، ولكن النتيجةَ اختلفت تمامإً؟ إذ نجد بعد قرن معجزةَ
اليابان، ولكنْ في الطرف الإسلامي هناك جهود للنهضة ولكنّها مشلولة " (1).
إن الفكرة التي يريدُ مإلك ان يوضحَها هي أن مقابل الاستعمار الذي
يتّصف بالمكر والخداع والشراسة هناك القابلية للاستعمار التي تتّصف بالدناءة
والخبث والخيانة (2). فإذن المشكلة مشكلة اخلاقية في المجتمع الإسلامي،
ولكنَ مالكاً في تحليله هذا نسيَ اشياءَ مهمة؟ فالاستعمارُ يعامِلُ الشعوبَ
(1)
(2)
في مهب المعركة، ص 134.
بين الرشاد والتيه، ص 174.
81

الصفحة 81