هـ- طغيان الأفكار (1): عندما يكون المجتمع في حالة تخلّف قد يصلُ
الأمر إلى طغيان عالم الأفكار؟ فعندما لا يستطيعُ المسلمُ القيامَ بعملٍ مثمر يلجأ
إلى البحث في الأفكار المجردة النظرية التي لا تأخذُ طريقها إلى التطبيق، وبدل
أن يتكلَم عن معاناة الناس ومشاكلهم والتخطيط لمجتمع افضل، فهو يتكلَّم عن
الماضي الذي له صلة بالحاضر، أو ينقل معارك وهمية ليكون هو أحد أبطالها،
وتدفع المطابع كل يوم بعشرات الكتب التي لا تمس الواقع، بل هي هروب من
هذا الواقع.
و - العقلية الذرية: وهذا مرض من ينظر إلى الأحداث والوقائع مجزأةً
ومنفصلة فردية، "كأئما في مجموعها لا تكونُ حلقةً من التاريخ، وانما كوماً من
ا لأحد اث إ (2).
هذه العقلية موجودة في أ وسا ط ا لمسلمين بسبب البُعد عن الفعل الحضاري،
ومن مظاهرها ان جهودنا لا تتسم بالعمل المتواصل، ولكن بالمحاولات
المنفصلة؟ فما إنْ يبدا نشاط ما حتى يذهب فجاًة كأئه وثبة برغوث، ولنعتبر على
سبيل المثال كم مجلة ظهرت في بلادنا ثم اختفت بنفس السرعة؟.
لماذا دورُنا في الحياة منفصل عن دورنا في البيت؟.
ولماذا نحصلُ على (ممتاز) في مادة الأحياء، و (مقبول) في مادة
التاريخ، ولا يخطر ببالنا ان هناك علاقة بين الاثنين؟.
ولو اننا تعودنا الربط والتعميم وتتئع الجزئيات وربطها بالكليّات لما
استغربنا تشابه المشكلات الخارجية التي يواجهها العالم الإسلامي.
(1)
(2)
تنبه إلى هذا المرض ا لإمام ابن الجوزي في كتابه: تلبيس إبليس، فليراجع.
الصراع الفكري، ص 53.
90