إن هذا العجز عن التعميم ليس من خواطر فكر المسلم كما يحاول أ ن
يؤكده المستشرق (جب)، بل هو طراز للعقل الإنساني بعامة عندما يقصر عن
بلوغ درجة معينة من النضج، بينما في حالة الحضارة نجد التراث العلمي الذي
خلَّفته الحضارة الإسلامية يظلّ شاهداً على ما اتّسم به العقل الإسلامي من
الفدرة على التركيب والإحساس بالقانون العام والبُعد عن العقلية الثجزيئية،
وعلم اصول الفقه اكبر دلبل على ذلك.
ب - ا لخطر ا لخارجي:
إن كان مالك لا يعفَقُ اخطاء تقصير المسلمين على مشجب الاستعمإر
وحده، بل يهتم بالعوامل الداخلية كما اسلفنا، إلا أنه لا ينسى خطورة
الاستعمإر واثره في إعاقة النهضة الإسلامية. ومالك خبيرٌ بخفاياه ومواقفه من
المسلمين، ولذلك جاءت ملاحظاته وتعليقاته في هذا الجانب على درجةٍ عالية
من العمق والتحليل، ومن هذا الجانب كانت مشكلةُ المسلمين ربما تختلِفُ عن
مثاكل الشعوب الأخرى؟ فالإعاقة من جانبين: الجانب الداخلي (التخلّف
الحضاري) والجانب الخارجي (ا لاستعمإر) الغربي.
لقد تدخل الاسنعمار في كل شيء، حتى لا يتركَ فرصةً لأي بعثٍ
اسلامي، وهو يتظاهر بأنَّه يحف! ر الشعوب المستعمَرة، بينما نجدُ الواقعَ آنه أفقرَ
المستعمرات بنهب اموالها واستغلال خبرانها " وإذا اردنا أن نتقصَّى الحركةَ
الاستعمارية في اصولها فلا بدَ أن ننظر إليها كعلماء اجتماع لا كرجال
سياسة " (1)، فظاهرة الاستعمإر من طبيعة الرجل الأوروبي؟ فكلَّما وقع اتصال!
بين الأوروبي وغير الأوروبي خارج إطار اوروبة فهناك (موقف استعمإري)،
بينما نجد في عصر ازدهار الحضارة الإسلامية انَ رحلات ابن بطوطة وأبو الفداء
(1) وجهة العالم ا لإسلامي، ص ه 8.
91