كتاب مالك بن نبي مفكر اجتماعي ورائد إصلاحي

هو الزهدُ الأعجميئُ والصوفية وأصحاب المرقعات، ولا تتمثّل بعمر بن
الخطاب، أو بعبد الله بن المبارك او الإمام مالك، بينما نجد عند الغربيين أفكاراً
لا تثبتُ أمامَ النقدِ الموخهِ لها، ولكنَهم استخدموها إلى اقصى ما يستطيعون،
مثل فكرة (التقدم).
وان المسلمَ الذي يحمِلُ القرآنَ يجب أن يستفيدَ منه للتخطيط للنهوض.
وان التوازنَ الذي صاغَ به القرآنُ شخصيةَ المسلم من آكبر الأسبابِ التي تساعده
على الفعالية، كما أن الشريعة تحمله على التوسط بين التشذد والتساهل.
5 - التكديس والبناء: عندما يكون الإنسان في حالة تخ! فٍ حضاري،
تغلبُ عليه النظرةُ للكئم وتكديس الأشياء، ويظنُّ أنَّ كثرةَ استيرادِ منتجات
حضارة أخرى ينتج له حضارة، وهذا يتصل بمرض (الشيئية). إنَ تكديسَ كومةٍ
من (الطوب) او الحجارة، وكومةٍ من الإسمنت لا يعني أن بناءً قد أصبحَ جاهزاً؟
فالأمرُ بحاجةٍ إلى مهندسين وبئائين وتخطيط، بعدَ وجودِ المواد الأولية
(التراب) الذي تكفم عنه مالك كثيراً.
6 - رجل الفطرة: يرى مالك انَّ رجلَ الفطرةِ هو المهيَّا أكثر من يخره
للدخول! في دورة الحضارة مرةً ثانية، ورجلُ الفطرةِ هو الذي لم تستعبده
الأشياء، ولم يخضع للطغيان فتفسد رجولته وبأسه. ويقابِلُ رجلَ الفطرة عند
مالك: رجل (القِفة)، وهو الذي يرضى بالقليل او المتعطل الذي لا يعمَلُ شيئاً،
أو الموطف البسيط في إدارة حكومية، هذا الرجل " تغلغلت في نفسِه دواعي
الانحطاط التي قضت على المدنيات المتعاقبة في بلاده؟ فهو يحمِلُ روحَ
الهزيمة؟ فقد عاش حياته دائماً في منحدر المدنية؟ إذ هو دائماً في منتصف
طريق وفي منتصف فكرة، وفي منتصف تطؤر، لا يعرِفُ كيفَ يصلُ إلى هدف؟
إذ هو ليس نقطة الانطلاق في التاريخ كرجل الفطرة، ولا نقطة الانتهاء كرجل
الحضارة، بل هو نقطة (التعليق) في التطور الحضاري، ويصدق عليه وصف
96

الصفحة 96