كتاب محمد كرد علي المؤرخ البحاثة والصحافي الأديب

المشرقيات من الغربيين. وكنتُ أُطالع كلّ ذلك مطالعه ت! دبّر، وألتقط
جواهرها، ولما استوفيتُ البحثَ في خزائن مصر والشام وبعضَ خزائن
الآستانة، تعلّقت همتي أن ارحل إلى اوربة، ليتسعَ معي مجالُ النظر
في خزائن كتبها العربية والإفرنجية " (1).
لذلك عرض فكرته على ال! ميد مارتين هارتمان من علماء
المشرقيات الألمان، وكان جاء دمشق، وابلغه كرد علي بعزمه زيارةَ
خزائن اوربة، للبحث في خزائنها عن مخطوطات العردط في التاريخ،
فقال: إنّ الفكرة حسنة، ولكنها غير عملية، وتنفمذها يستغرق من
وقتك حولين على الأقل. تحتاج فيها إلى نفقات طائلة، فالأوْلى أ ن
تذهب إلى رومية، وفي خزانة الأمير كايتاني، صاحب كتاب (تاريخ
الإسلام) صور صوَّرها بالتصوير الشمسي من خزائن العالم، فيها
ما خلّفه الثقات من مؤرّخي العرب في تاريخ الإسلام، مما لم يُطبع
حتى الآن، فإذا زرتَ خزانته في التاريخ، فكأنمّا رايتَ جميع تواريخ
العرب المحفوظة إلى اليوم في خزائن الغر! (2).
فقصد كرد علي مصر، وزوّده صديقه أحمد زكي باشا بوُصاة منه
إلى الأمير ليوني كايتاني في رومية، فلّما قدم عليه رحّب به، وسهّل
مهمّته، فكان يبحث كلّ يوم ثلاث ساعات في الصباح في خزانته مدّة
شهر، ينقل وينقل حتى استنفد ما يريد لتاريخ الشام.
يقول الدكتور الدهان: "جمع هذا الأمير العالِمُ كل مصادر التاريخ
الإسلامي مخطوطه ومطبوعه إذ صور المؤلفات العربية القديمة في هذا
الموضوع، وجمعها من اطراف الأرض كلِّها، وجعلها على أشرطة
وصور من الخزائن الخاصة والعامة، ورصفها واحداً بعد واحد في
(1)
(2)
المذكرات 1/ 0 31.
المذكرات 1/ 0 31 - 311.
101

الصفحة 101