وخمنَ الجزء الرابع للكلام على التاريخ المدني لبلاد الشام. فأرّخ
للعلوم والاَداب في كلّ عصر من عصور الإسلام، وذكر مرادَه بالعلم
والأدب فقال: "نريدُ بالعلم علم الدين والدنيا، فالعالم بالحديث
عالم، والعالم بالطبّ عالم، والعالم بالكلام عالم، والعالم بالهندسة
عالم، والكيمياء علم، والبيطرة علم، والتاريغ علم، والجدل
علم، وشرف هذه العلوم بشرف مقاصدها، واشرفها في نظر الإلهيين
ما هذب النفس، وأعدَها للحياة الخالدة، كما قال حجة الإسلام
الغزالي: إنَ الفقيه معفَمُ السلطانِ ومرشده إلى طريق سياسة الخَلْقِ
وضبطهم، لتنتظم باستقامتهم اُمورهم في الدنيا، ولَعَمري إِنّه متعلّق
أيضاً بالدين، ولكن لا بنفسه، بل بواسطة الدنيا، فإنَ الدنيا مزرعةُ
الاخرة، ولا يتم الدين إلا بالدنيا" (1).
ثم أرّخ للفنون الجميلة من موسيقا وغناء، وتصوير، ونقش،
وبناء، وشعر، وفصاحة، ورقص، وتمثيل.
ثمّ وصف الزراعة الشامية، وتقسيمَ السهول والجبال،
والتحسينات عليها، والصناعات الزراعية، وزروع الشام واشجارها،
واتربتها، وحراجها، وريّها، ودواجنها، وغير ذلك مما يتعلّق
بشؤون الزراعة.
ثم تكقم عن الصناعات الشامية من غزل، وحياكة، ونساجة،
ودباغة، وصناعة الجلود، وتربية دور الحرير، والقيانة (صناعة عمل
السلاح)، والنحاسة، والزجاجة، والدهان، والفخارة،
والقيشاني، والوراقة، والمرايا، والصياغة، وصناعة الصدف
والرخام، والسجاد والحصير. ثم عزَج على ذكر التجارة الشامية، مبيّنأ
(1) خطط الشام 4/ 3.
106