كتاب محمد كرد علي المؤرخ البحاثة والصحافي الأديب

الفصل الأول
لمحات من حياته

1 - عصر كرد علي وبيئته:
نشأ الأستاذ محمد كرد علي في بيئية شامية في مدينة دمشق، عرف
أهلها وعائلاتها، وأَلِفَ عاداتها وجَوَّها، وكان للعائلة مزرعة في قرية
جسرين في الغوطة الشرقية من المدينة، تنزعُ نفسُه إليها كلّما رأى في
ذاته حاجة إلى الهدوء والبُعد عن صخب المدينة، حتى إنّ كثيراً من
مقدّمات كتبه صاغها فيها، كما دوّنها في نهايات تمهيداته للمطبوعات
التي أصدرها.
وأمّا عصرُه فكان اخرَ العصر العثماني، الذي شهد ضعفاً في
الحكم، وتفككاً في السلطة، وسوءاً في الإدارة.
فبلاد الشام والعراق والجزيرة العربية كانت ممتلكات خاضعة
خضوعاً تامّاً للباب العالي.
وكانت بلاد الشام مقسّمة إلى ولايتين وسنجق واحد، ثمّ قُسّمْت
منذ سنة (1887 م) إلى ثلاث ولايات وسنجقين اثنين، وهي ولاية
حلب في الشمال والشمال الشرقي، وولاية بيروت في الغرب، وولاية
الشام في الشرق، وسنجق لبنان الذي اقتطع من ولاية بيروت،
11

الصفحة 11