كتاب محمد كرد علي المؤرخ البحاثة والصحافي الأديب

يقول الأستاذ كرد علي في وصف دُور دمشق وعمرانها: زاشتهرت
دورُ دمشق بأنّ داخلها حوى الجمال برمّته، وخارجُها لا ينبىءُ عن
شيءً كثيبر، وهذا يومٌ كان جُلَّ الاعتماد في البنيان على الطين
والخشب، يوم قال فيها البحتري:
وتأمّلتُ اَنْ تَظَل ركابي بينَ لبنانَ طفَعاً والسنيرِ
مشرفاتٍ على دمشقَ وقد أ! رضَ فيها بياضُ تلك القصورِ
والبيت الدمشقيّ في العادة عبارة عن صحن أو فناء فسيج في وسطه
حوضُ ماءً، يتدفق إليه من أُنبوب أو فوّارة لا ينقطع جريها، وقد
غرست فيه من الرياحين والأشجار المثمرة كل جميل وعَطِر، وعلى
جوانبِ هذا الصحن المخادعُ والغُرف والقاعات، وفي القاعة بركةُ ماءً
ايضاً، ورئما جرت على قامة في الجدار لتزيد في رطوبة المحل في
الصيف، وفي الطبقة الثانية العلالي، وهي خاصة بالشتاء على
الأغلب، فبيوتُ دمشق القديمة حوت جميع المرافق، ومنها الحديقة
والأشجار والمياه. والغالبُ أنّ الزلازل في الدهر السالف دعت الأهلين
الا يستخدموا الحجر في بنيانهم إلا نادراً" (1).
واردف المؤلف ذلك بوصف خصائص سكان دمشق وتركيبتهم
وهجرتهم إليها، ويذكر من خصائصهم قوله: "والدمشقيون من أكثر
العرب حنينا إلى بلادهم إذا اغتربوا، وإذا اغتنى الدمشقيّ قليلاً لا يلبثُ
أن يعودَ إلى مسقط رأسه " (2).
ويقول: "وفي الدمشقيئ قوّةُ التمثّل، إذا دخل بلاد الترك او الهند أ و
فارس، او أرض الإفرنج، تعفم في الحالِ لغةَ البلادِ التي نزلها. أما
(1)
(2)
دمشق: مدينة السحر والشعر، ص 62 - 63.
دمشق مدينة السحر والشعر، ص ه 9.
113

الصفحة 113