كتاب محمد كرد علي المؤرخ البحاثة والصحافي الأديب

فكان سنة 1928، فمكث عاماً ثم عزل، ثم أعيد سنة 1935 إلى أ ن
توفي بالإسكندرية سنة 1945 (1).
والظاهر من اندفاع الأستاذ كرد علي للكتابة عن الشيخ المراغي
ومحبته له أثه كان من مدرسة الشيخ محمد عبده، التي احبّها الأستاذ
الرئيس، وطابت له اَراؤها ومذهبها.
استهلّ كرد علي هذا البحث ببيان نبوغ العرب فقال: "لم تنبغ امهٌ
من الرجال في العلم والاَداب بقدر ما نبغ من العرب، ومَن دخل في
جملتهم من الأجناس والعناصر، حفيقة اعترف بها من تجرّدوا من
الغرض في درس تاريخنا من الإفرنج ".
ويقول: "وظل الأزهر يخرّج رجالَ الدين منذ أقام صلاح الدين
يوسف بن أيوب دولة السنة، وكان اصحابُ الفضل الواسع
المتخرّجون في تلك الدار أقل من القليل، والمتوسّطون كثرة على
ما هم في كلّ زمان ومكان. والمتوسّط في العادة يعسى. والمُبرِّزُ هو
الذي يُفاخِر به تاريخ الأمة، ولا تبرح الألسن تردد ذكراه، والصحف
تنقل اَراءه وأخباره، والناس يستفيدون من كلامه ما انعقدت للعربية
سوق، وأُقيمت شعائر الإسلام في أرض.
وممن نبغ في مصر من المتأحْرين شيخ الأزهر العلامة الشيخ محمد
مصطفى المراغي. اشتهر لا لأنه تولّى اعظم منصب في الإسلام، فقد
يتولّى المتوسطون بعلمهم أسمى الرتب، وهم لا يَعْدون حفط ما جرت
العادة بحفظه، ولا تمثلوا ما قرؤوه. اشتَهَرَ لأنّه كان حريّاً بالشهرةٍ،
جمع إلى الفقه والأصول ما تعوز العالمَ معرفتُه من أصناف العلم، فما
أتقن علوم الدين وقال: قَطْني، بل تعلقتْ همته بمطالب أخرى،
(1) الأعلام للزركلي 7/ 03 1.
116

الصفحة 116