العلم إلا أنهم اعتفوا بالبياض، ولبسوا الجثة عل الزيّ المتعارف لهم.
وإنّ ألفاظ العالم والعلامة والإمام والرَّباني والحبر التي لم تطلق
علئ أكثر حَمَلَة الشريعة والعلم أيام نضارة الدّين أصبحت تُطْلقُ علئ
الجهلاء لعهدنا، بعد أن كانت هذه الألفاظ تجعل لأفراد في الأمّة
امتازوا ميزة ظاهرة بعقولهم وعلومهم، كان يُقال لجبير بن زهير
الحضرمي "عالم أهل الشام " وللخليل بن أحمد "علامة البصرة "،
ولمالك بن أنس " إمام دار الهجرة "، ولعبد الله بن عباس "رباني هذه
الأمة " اما اليوم فإن ألفاظ (عالم، وعلامة، وإمام) تطلق على
الممخرقين والمتنطعين الذين لم ينفعوا الأمّة بشيء، فقد كان يُلقَب
بالعلامة الأول قطب الدين الشيرازي، كما يطلق لقب العلامة الثاني
على سعد الدين التفتازاني على نحو ما أطلق علئ أرسطو لقب المعلّم
الاول وعلى الفارابي لقب المعلم الثاني.
تشدد القوم في إطلاق ألفاب التفخيم حتى علئ العلماء صيانة
لألقابهم من الابتذال، فرأينا العصام في حاشيته على الجامي لا يوافق
الجامي بإطلاقه علئ ابن الحاجب لفظ "العلامة المشتهر في المشارق
والمغارب "، فقال: إن في وصف ابن الحاجب بالعلامة نظرأ، لأنَّ هذا
اللفظ إثما يعُاسب فيما بين العلماء مَنْ جَمَعَ جميع أقسام العلوم، كما
هو حقّه من العلوم العقلية والنقلية، ولي! ابن الحاجب إلا من العلماء
في العلوم النقلية. ولذا خُصّ من بييئ العلماء قطب الملّة والدين
الشيرازي بالعلامة، حيث سبق العلماءَ كلهم في جميع اقسام العلوم " (1).
طبع الكتاب سنة 343 اهـ= 925 1 م في المكتبة التجارية الكبرى
بمصر، وطبع في المطبعة الرحمانية في القاهرة.
(1)
القديم والحديث، ص 96 2 - 98 2.
وانظر نقد الكتاب لسليم عنحوري في مجلة المجمع 5: 242.