كتاب محمد كرد علي المؤرخ البحاثة والصحافي الأديب

الاضطراب فيه زمنأ طويلاً، وطبيعتي تعصي على العيش الرتيب (1) ".
بدأ محمد كردعلي بالكلام على لقب أسرته، وذكريات طفولته،
ثم حياته في مصر، واشتغاله بالصحافة، واَراءه في بعض الجهات
السياسية، ومقالات في سياحاته، ولقاءاته مع علماء المشرقيات
(المستعربين)، ولقاءاته واتصاله مع الأدباء والشعراء، ويُورد خلال
ذلك كلّه ما اتّفق له، مما مزَ به في حياته من امور مثل "السياسيون
والصحافيون " 1/ 121، و"أحرار الترك " (1/ 144) و"الرجال الذين
عرفتهم في مصر" (1/ 251) وكلامه على " رؤساء الوزارات "
(323/ 2)، و"حلّ الماسونية " في فرنسة (408/ 2) و"جامعة الدول
العربية " (2/ 487)، و" مؤتمر المجمع اللغوي " (2/ 495)، و"الثورة
السورية " (2/ 4 2 5).
والذي يلحظه المرء في مذكراته أنّها لم تُسجّل على شكل حولي،
وإثما هو عَرْضٌ لِمَا جالَ في ذاكرته من موضوعات على مرّ السنين قَيَّدها
بين دفّتي الأجزاء التي حَبّرها، اختلفت تواريخُ كتابتها على ما يظهر،
كما اختلفت موضوعاتها، وكأن كردعلي الصحافي غلب على كاتب
المذكرات، فترى أنّ موضوعاتها أشبه بالمقالات منها بالتاريخ لحياة
شخص، غير أنّ مذكرات محمد كردعلي في الأحوال جميعها تعتبر
نمودْجا فريدا من المذكرات؟ نثر فيها صاحبها سيرته الذاتية مفرّقة في
طيّات أبحاثها، وأوح تاريخ بلده الاجتماعيّ والسياسيّ والأدبيّ في
ثنايا كتاباته. فظهرت أمامنا مذكرات رجلى عملاق في الأدب والفكر
والاجتماع والسياسة، والصحافة والكتابة، دونه أدباء كثر، كُتبت لهم
الشهرة، وهو اعرق منهم، إذ يرى فيها القارى تجربة العالم العارف،
والإداري الحصيف، والتعلم المبدِع.
(1) ا لمذكر ات 1/ 3.
128

الصفحة 128