شخصيتها، وأبقى عليها اَثارها قيامُ صحراء التيه لمحي طريقها إلى بلاد
المشرق، فتحامى كثير من الفاتحين اقتحامها من البر، وكان من
الصعب اقتحامها من طريق البحر في عصور سفن الهواء (1) ".
وفي محاضرته الخامسة يقول: "لكلّ مدلْية سيئات تندمج في
مطاوي الحسنات، وصدب أن يكون الخيرُ تامّاً والشرّ تاماً، وكان
علينا أن نقتصر على اقتباس النافع، وتحامى الضار، ونجعل السلطان
للعفل لا لهوى النفس، والظاهر أنَّ المدنية وحدة لا تتجزأ، مَن أخذ
بخيرها لا بدّ أن يستهدف لشرورها طوعأ أو كرهاً، وما هذه السيئات
بالذي أقرّه عقلاءُ الغرب دعاة الحضارة الحديثة، ونحن نعلم أنّهم
يشكُون منها شكايتنا وزيادة " (2).
0 2 - المعاصرون:
كتاب لْرجم فيه مؤلفه بعضَ مشاهير عصره وأعلامه، لم يكتبْ له
مقدّمة تعريفية، ذلك انّه وُجِدَ بعد وفاته بحاجة إلى عناية وترتيب
وتخريج النصوص وترجمة بعض الأعلام الواردة في التراجم، فقام
الأستاذ محمد المصري رحمه اللّه بالتعليق عليه، والإشراف على
طبعه، ورتَّب المترجمين ترتيباً هجائياً.
ترجم الأستاذ كردعلي لعلماء من بلاد الشام، ومصر، والعراق،
إضافة إلى بعضٍ علماء المشرقيات (المستعربين)، فبلغ عددهم سبعاً
وأربعين ترجمة، منهم أحد عشر مستعرباً.
ويلاحظ القارى لهذا الكتاب انّ اسلوبه في الترجمة يبدا بذكر ولادة
المترجم، وأصل نسبته ونشاته، ويمبع ذلك بإيراد دراسة عن فكره
(1)
(2)
مصادر الثقافة العربية، ص 24 - 25.
المصدر السابق، ص 4 9.
132