ما كان بين الاختيار والطبع من زمن قصير" (1). ولْحو ذلك نجده في
تقدمته لكتاب (البيزرة).
3 - رموز النسخ: عَرَفنا أن الأستاذ كردعلي كان يُقابل ويُعارض
ما يحققه من اصول، وكان رحمه الله يتّبع المنهج الذي يقول بالرمز
لكلّ نسخة بحرف من حروف الهجاء، ويختار الحرف البارز في
مصدرها لتمييزها عن شقيقاتها؟ ففي (الأدب الكبير) لابن المقفع،
اعتمد في تحفيقه على ستّ نسخ رمز لكلّ نسخة بحرف.
4 - إبرازه أهمية الكتاب المحقّق: وهو أمرٌ لم يغب عن كردعلي،
ذلك انّ هذا الأمر يعطي للقارئ كلمة عن أهمية الكتاب، وماذا يُضيفه
إلى المعرفة من جديد، وما ميّزاته عن أترابه، فتراه يقولُ في مقدمتهد
"سيرة احمد بن طولون " للبلوي: "وقد اغتبطنا، وحالة مخطوط
البلوي على ما ذكرنا، أن حسبنا ما سطت عليه الأيام من كلامه جزءأ
ضيئلأ، لا يحول دون الانتفاع بتأليفه، الذي ظلّ يتنقل في الخزائ!
ألف سنة حتى كُتِبَ لابن هذا الجيل ان يُخرجه للناس مطبوعأ، وقد
اشرف على البلى، فأحيَّا بذلك اسم مؤئفه، وكاد يمُسى لذهاب بقتة
تاَليفه.
لا جرم انّ في نشر كتاب البلوي إحياء مادّة جديدة في تاريخ مصر
والشام، ولوناً طريفاً من أدب عصره الجميل فيه حلاوة وطلاوة،
وألفاظاً فصيحة ومعرّبة في شؤون الحياة كانت مألوفة في زمن
المؤلف، ونحن في حاجة إليها اليوم. دع ما هناك من قصص واقعية
على مثال قصص الصُّولي والقاضي التنوخيّ، تدلّ على كياسة ابن
طولون وسياسته، وتفيد القارئ من حكمته وحنكته، فيها متعة للنفس
(1) رسائل البلغاء، ص 155.
139