كتاب محمد كرد علي المؤرخ البحاثة والصحافي الأديب

ورغم انه يقول عن نفسه: ". . جدّي من مدينة السليمانية من بلاد
الاكراد (شمالي العراق). . . وامّي شركسيّة من قفقاسية، فأنا على رغم
أنف مَن آمَن وكفر من جنس آريّ لا يقبل النزاع، وليس للغربي،
ولا للشرفي ما يقول في دمي " (1)، فإنّه رغم ذلك فإنَ العربيّ عنده هو
مَن يحذق العربية، ولو كان من أصول غير عربيّة، كما أسلفنا.
0 1 - ثقافته ودراسته:
تُعد مصادر ثقافة محمد كرد علي مستمدةً من ثلاثة روافد.
الرافد الأول: دراسته في المدارس.
الرافد الئاني: تلمذته على شيوخ عصره.
الرافد الثالث: مطالعاته وقراءاته الخاصة.
يذكر محمد كرد علي أنّ والدته استصحبته وهو في السادسة من
عمره لتزور اسرة الأستاذ الشيخ محمد الطَّنطاوفي، في زقاق النارنجة
بمحلة القيمرية بدمشق، فأدخلوها القاعة البرّانيّة، التي يجلس فيها
الشيخ (السلاملك أو المندرة)، فوقع نظر 5 لأؤل مزة على رفوف في
الحيطان، مصفوفة عليها المجفدات، فشهق متعجّباً مما نظر، وسأل
والدته عن هذ 5 الأشياء التي راَها على الجدران، فقالتْ: هذ 5 كتبٌ يقرأ
فيها العلماء. فأعجبه هذا المنظر الظريف، وقال لأمّه: انا اُحبُّ أ ن
اتعفم هذ 5 الصنعة.
يقول كرد علي: اوكانت افي تذكرّني بما قلت كلّما أرادت ان تبعث
همَّتي على حمْط دروسي، للوفاء بما كنتُ رجوته من تعلم تلك
الصنعة. وكان أبي ينشّطني على الدَّرس، ولما أصبحتُ يافعاً، وشاهد
(1) المذكرات 1/ 5.
18

الصفحة 18