استغرافي في كتبي حتى الهزيع الثاني من الليل، اخذ ينصج لي
بالاعتدال في المطالعة، خشية على عيوني، وصحتي، وكثيراً ما كان
يُطفىء المصباح ليضطرني إلى النوم " (1).
وفي سنة 1882 م أدخله والدُه مدرسة كافل سيباي الأميرية
(المدرسة السباهية)، ونال شهادتها من الدرجة الأولى، وقد تلقى فيها
القراءة والكتابة ومبادىء العلوم الإسلاميّة والحساب والطبيعيات.
وفي سنة 1886 م دخل المكتب الرشيديَّ العسكريَّ. فدرس مبادىء
التركية، وكانت دروس الإفرنسية ناقصة، فأتاه والده بمعفم إلى الدار
اخذ عنه نحو هذه اللغة وصرفها على الاضول مدّة ثلاث سنين، وبرع
بالترجمة من الإفرنسية إلى العربيّة وبالعكس، وقد أحرز شهادة
المدرسة الرشيدية من درجة متوسّطة، لأنّه لم يتمكّن على ما يجب من
الرياضيات لإصابته بالحسر وضعف البصر، بحيث لم يكد يتبئن عن
بُعد ما يرسم الأستاذ من أشكالها وخطوطها في اللوحة، ففاته التبحّر
فيها.
وفي عام 1892 م عُيِّن موظفاً في قلم الأمور الأجنبيّة، فأخذ خلالها
يتقن الآداب التركية، وشرع يمشىء فيها كما يمشىء باَداب اللغة
الإفرنسية، وقد اختلف حولَيْن كاملَيْن إلى (مدرسة العازاريين)
للاضطلاع باداب اللغة الفرنسية، ودرس بهذه اللغة الطبيعيات
والكيمياء ليزداد تمكَّناً بها (2).
اقتطع محمد كرد علي جانباً من الوقت لدراسة الاداب العربية
والعلوم الإسلامية، وتلقّى اللغة الفارسية حتى حذقها، ثم أُنِسيَها.
(1)
(2)
ا لمذكر! ت 1/ 0 1.
خطط الشا م 6/ 333.
19