وفي خلال تلك المدة اتّصل بالأساتذة الشيخ طاهر الجزائري،
والسيّد محمد المبارك، والشيخ سليم البخاري، واخذ عنهم وعن
غيرهم من مشايخ الطبقة الثانية كل ما وسعه قراءته من كتب اللغة
والادب والبيان والاجتماع والتاريخ والفقه والتفسير والفلسفة.
يقول كرد علي: "وكان العامل الاكبر في توجيه إرادتي نحو الدعوة
إلى الإصلاح الاجتماعيّ، والإقدام على التأليف والنشر، وإشرابي
محبّة الاجداد، والتناغي باَثارهم، والحرص علئ تراث حضارتهم،
أستاذي الاكبر الشيخ طاهر الجزائري " (1).
وافا الأستاذ محمد المبارك فيقول عنه: "خَرَّجني باللغة والإنشاء" (2).
وأمّا الرافد الثالث للتكوين الثقافي والفكري للأستاذ الرئيس، فهو
مطالعاته الخاصّة وقراءاته! فكان أهمّ ما أُولعَ بمطالعته -بعد درس
المطبوع من كتب الأدب العربي وجانب من المخطوط الذي وقع تحت
يديْه -كُتبَ الفلاسفة وعلماء الاجتماع، وأصول الشعوب ومدنياتهم.
ويقول: "وإنّي ما أزال اذكر ما كنتُ اُكثر من مطالعته واستظهاره
ايام ولوعي بالأدب من (مقامات الحريري)، ورسائل (الخوارزمي)،
(والصابي)، و (الأصفهاني)، و (الزمخشري)، ولما كُتب لي الاطلاع
علئ الاَداب الفرنسية والتركية أنشأت أبحث عن كتب بلا تكلف
ولا تعمّل ككتابات (الجاحظ)، (وابن المقفع)، و (عبد الحميد
الكاتب)، و (سهل بن هارون)، و (أبي حيان التوحيدي) ".
وتأثر بالقُراَن الكريم، وتَمَثل بلاغتَه، وطالع طرفأ صالحأ من كتب
الحديث، وحفظ المعلقات السبع، وعدة قصائد، وعددأ من دواوين
(1)
(2)
خطط الشام 1/ 334.
المصدر السابق 1/ 4 33.
20