كتاب محمد كرد علي المؤرخ البحاثة والصحافي الأديب

قصيدةًارتجالية طويلة، نافت عن أربعين بيتاً وصف به حاله (1):
الا قُلْ لِمَنْ في الدُّجى لم ينمْ طِلابَ المعالي سميرَ الألمْ
ومَنْ أرّقَتْه دواعي الهوى فدون الذي أزقته الحِكَمْ
فَكَم في الزوايا تجنّى فتًى طريدَ الكتابِ شريدَ القلمْ
يرى الأرَض ضيقاً كشقِّ اليراعِ ويهوى على ذا الوجودِالعدمْ
وكم ذا بجسرينَ من ليلةٍ على مثل جَمْرِ الغضا في الضِّرَمْ
تمنّى الاديبُ بها ندْحةً ولو باتَ يرعى هناك الغَنَمْ
وكم سروة تحت جُنْجِ الظلامِ كسزّ بصدر الأديبِ انكتمْ
يخافُ بها حركاتِ الغصونِ ويخشى النسيمَ إذا ما نَسَمْ
وطالَ به الليلُ حتى غدا يظنُّ عمودَ الصباحِ انحطمْ
يقول كرد علي: "كان التضيقُ عليئَ في الشام يزيد كلّما استفاضت
شهرتي، والشهرةُ حقيقة كانت على صاحبها اَفةً في الدور الحميدي،
فرأيتُ بعد طول التأمّل أنّ المقام فيه عبثأ، فأخذتُ بالاستعداد للهجرة
إلى مصر لإصدار مجلة (المقتبس)، فأصدرتُها في أوّل سنة 4 32 ا هـ،
وتولّيتُ معها رئاسة تحرير جريدة (الظاهر) اليومية، وبعد سنة عينت
أمين سر تحرير جريدة (المؤيد). . "والجرائد الثلاث التي تولّيتُها في
مصر هي: (الرائد المصري)، و (الظاهر)، و (المؤيّد)، وكانت من
الصحف التي تصدع بالوطنية المصرية، وتنتقد سياسة المحتلين،
ولذلك كثر أصدقائي من الوطنيين المصريين، فعددت بهم مصر وطني
الثاني، وكادوا هم يعدونني منهم. وقد اَزرتُ في مجلّة (العالم
الإسلامي) الباريزية، التي ما زالت تصدر باللغة الإفرنسية إلى عهد
قريب. حتى إذا حدث انقلاب العثماني (08 19) م رجعتُ إلى دمشق،
وأصدربُ في 17 كانون الأوّل (908 ام) جريدة (المقتبس) يومية
(1) خطط الثام 6/ 336.
27

الصفحة 27