كرد علي لنفسه التقيّد بشرط التأريخ عثدما ازَخ، واتَبع الحذر من سطوة
الرقيب، واستبداد الدولة، عندما مارس الصحافة، والتزم وهو يدعو
إلى صلاح المجتمع بالموضوعية، دودْ أدْ يسفي مَنْ عرفهم من
الحشويين أو المفسرين أوالممخرقين.
ولفا بلغَ محمد كرد علي الستين من العمر، وزهد بالدنيا ومناصبها
وجد نفسَه - يحمِلُ في صدره عبئأ ثقيلأ من كبتِ ما في صدره من حمث
وبُغْضٍ تقيّدأ بشروط التأريخ، ومجاملة لما تعارف عليه الناس.
فأحَمث أن يجزَد ما علق في ذاكرته من انطباعات وارتسامات، وأخذ
يقيّد ما يرد على قلمه حرّاً، غير مفثد بتاريخ أو بترتيب او تصنيف، ثئم
وصف ما بدا في صنعه بقوله (1): "أصوِّرُ بهذا التقيد طائفةً ممن عشتُ
بينهم صورة صادقة، وأدؤَنُ كلَّ حقِّ عرفتُه، ليشاركني أبناء هذا الجيل
والذي بعده في الإنكار على مَنْ أضجروني بفصورهم، وآلموني
بغرورهم.
كتبتُ كتباً كان الجد سُداها ولحمتها، وما جؤزتُ لنفسي الحياد
عن قواني! المؤلفين، ولا الصدود عن اَيين المتقدمين والمتاخرين،
وأريد هنا أن أنزع قيودأ أثفلتني وانا أراعيها، وأن أبعد عن ذاك الطراز
المقيِّد، واخرج إلى هذا الأسلوب المطلق. . .
قصدتُ بما دوّنت التحذير من دَجْلَ الدجالين، والتنبيه على أحابيل
المبطلين، والعمل على مكافحة الظالمين، لِيُعرفَ أنَ كلّ جيلى
(1)
مجلس الدولة، وتولّى منصب الأمين العام لمجمع اللغة العربية بدمشق، له
عدة مؤلفات في القانون، ومقالات في مجلة المجمع وغيرها: (إتمام
الأعلام "، ص 278.
مقدمة المذكرات: 1/ 3.
42