كتاب محمد كرد علي المؤرخ البحاثة والصحافي الأديب

1263، وكان من بيت علم وشرف، تولّى بدمشق قضاء المالكية،
دخل طاهر (المدرسة الجقمقية الإعدادية)، وتخزج بالأستاذ
عبد الرحمن البُشناقي، الذي أخذ عنه العربية والفارسية والتركية،
ومبادىء العلوم، ثم اتصل بالعلامة الشيخ عبد الغني الغنيمي
الميداثي، وكان فقيهاَ عارفاً بزمانه، واسع النظر، على قدم السلف
بتقواه وزهده. ودرس الشيخ طاهر العلوم الطبيعية والرياضية والفلكية
والتاريخية والأثرية. وتعلم الفرنسية ومبادىء السريانية والعبرانية
والحبشية فضلأ عن البربرية لغة مواطنيه.
أولع منذ صغره باقتناء المخطوطات، فاجتمع له منها مع الزمن
مجموعة عظيمة أعانته في مقتبل أيامه على الارتفاق من ثمنها.
تولّى التعليمَ لأول مرة في (المدرسة الظاهرية الابتدائية)، ثم عُيّنَ
مفتشأ عامأ على المدراس الابتدائية، وأخذ على نفسه تعليم المعلمين
اصول التدريس، يوهمهم أنّه يتعلم منهم، وهو يعلّمهم، أنشأ دار
الكتب الظاهرية سنة 296 اهـ، وبعد مدة أنشأ في القدس (المكتبة
الخالدية)، وهي كتب الشيخ راغب الخالدي ضمت إليها كتب
أسرته (1).
اوّل ما تعرّف عليه كرد علي عندما دخل على صفّه ذات يوم، رجل
في عمامة وجبّة، يتحدّث في بلهجة مغربيّة، فدهش الطفل لما رأى،
ولما سأل عنه قيل له: إنّه المفتش العلامة الشيخ طاهر الجزائريّ، فقال
في نفسه: "يا ليتني أكون مثله "!!.
(1)
المعاصرون، ص 268 - 269. وانظر كتاب (طاهر الجزائري رائد التجديد
الديني في بلاد الثام في العصر الحديث) للأستاذ حازم محي الدين ضمن
هذه رقم (3).
46

الصفحة 46