كتاب محمد كرد علي المؤرخ البحاثة والصحافي الأديب

لذلك كانت هذه الأمور مجتمعة سبباَّ فَي إشادة محمد كرد علي
بأعمال المستعربين، فقد ظلَّ يكرّر القول بأنّ (المستعربين (: "كانوا من
العوامل الكبرى في النهضة العربيّة الأخيرة بما أحيوا من كتب العرب
القديمة، وخدموها اجل خدمة، بمعارضتها على النسخ المتعدّدة،
وبوضع الفهارس المنوّعة لها، ليسهل الانتفاع، أو باللغة اللاتينية،
فانتفعوا بما نشروا ونفعوا بما حدث من معارف كانت مجهولة، بل بهم
تجلّت مدنيّة العرب لأول مرّة، لأنّهم طبعوا في القرنين السادس عشر
والسابع عشر كتبأ عظيمة من كتبنا كانت حجر الأساس في انبعاث
العربية من رقدتها الطويلة " (1).
ويقول الأستاذ الرئيس في مذكراته: " اكثر ما كنتُ ارتاح إليه مقابلة
علماء المشرقيات، فإنّهم لقربهم من منازعنا، ومعرفتهم بعاداتنا،
ووقوفهم على غابرنا وحاضرنا، أقرب إلينا من معظم مَن في الغرب من
اهل المدارك، وبهم كنتُ اتعرّف إلى سائر الطبقات، فهم بلا جدال
همزة الوصل بين الشرق والغرب. ويُبالغ المستشرقون بإكرامك في
بلادهم إذا توقعوا منك بعض الفائدة لهم او لأقتهم ص لدن عودتك إلئ
وطنك، ومنهم مَن يدعوك إلئ داره مع فقره الظاهر، وذلك لمعرفته
العادات الشرقية. أمّا هم فقد وقفوا علمهم قبل كلّ شيء علئ خدمةِ
دولهم " (2).
غير أنّ الأستاذ محمد كرد علي كان يُسرع دومأ إلى الرد علئ بعض
المستشرقين المتعضبين الذين كانوا يطعنون في العرب والمسلمين. إ ذ
إثه لما ظهر كتاب الأب " لامنس " البلجيكي عن (تاريخ سورية) انبرى له
(1)
(2)
مجلة المجمع العلمي العربي، المجلد (23) صفحة (348).
المذكرال! 1/ 186، وانظر فيه مقال (غإياتي من سياحاتي) 1/ 184، ومقإل
(علماء المشرقيات والإسلام) 1/ 94 1.
57

الصفحة 57