وشكرتُ له فضله في قبولي للبحث في خزانته العظيمة، ففال لي،
وهو مرتبك: ولمَ هذه السرعة في سفرك؟ أرجى هذا لأيام اُخر، فقلتُ
له: قد ضاق صدري في رومية، من عدم فهم اللغة الإيطالية، وإن كالىْ
الخاصة كلّهم يكقمونني بالفرنسية، وكذلك في المنزل، فإنّ الكلام
فيه بالفرنسية، وعلئ المائدة أيضاً، لأنّ نزلاءه من أجناس مختلفة من
أهل الأرض، ومع هذا فأنا مستوحش، واريد ان اسمع كلام الشعب،
ولا يتيسَّر لي ذلك إلا في سويسرة الإفرنسية " (1).
وكان الأستاذ كرد علي قد رحل إلى خزانة الأمير كايتاني للاستفادة
من خزانته في إعداد كتابه (خطط الشام).
ويقول الأستاذ الرئيس: " وكان الأمير يتفضل ويسالني عما عساني
عثرتُ عليه من المواد التي أتطلبها لموضوعي، فإذا قلتُ له: إني
وجدتُ أشياء مهمة تبرق أسارير وجهه، ويعودُ يدلني على مظانَ لم
أصل إليها، لانَ فيها بعض ما يشفي غلتي "، وقد عَيَّن له للبحث في
مكتبته ثلاث ساعات قبل ظهر كل يوم ما عدا أيام الاَحاد (2).
26 - تأثّر مسلمي الهند بكرد علي:
إنّ علاقات الأستاذ الرئيس لم تكن محصورة في بلاد الشام
فحسب، بل امتدّت -كما بتنا في هذا الكتاب - إلى العراق ومصر وبلاد
الفرنجة.
وأما أهلُ الهند فكان اسم كرد علي يتردّد عليهم، ولا سيما في
جامعة علي كره (3) الإسلامية، إذ كان العلامة عبد العزيز الميمني
(1)
(2)
(3)
ا نظر ا لمذكرات 1/ 0 8 1، 1/ 88 1.
ا لمعا صرون، ص 4 2 3.
أي علي كرم اللّه وجهه (ن).
59