كتاب محمد كرد علي المؤرخ البحاثة والصحافي الأديب

التنوخي من أهل القرن الثامن بما وقفه من الأوقاف العظيمة على هذه
الغاية (1).
وكان الأستاذ كرد علي يكْبر الشيخ محمد عبده، فيقول: "قلّما
يشتهر رجلٌ ليس على صمْات بارعة تؤهّله للشهرة، وقد تزيد في شهرته
أحوالٌ عارضة م! حوادث ذات ضجّة وقعت له، فيلغط الناسُ فيه
بالخير والشرّ، وتورثه شهرة، أو تعظم بها شهرته، بَيْدَ أنّ استاذنا
العلامة الشيخ محمد عبده وصل إلى المكانة التي وصل إليها بما كان
تتحلّى به نفسُه من مزايا كان معاصروه مجرَّدين منها. . . ".
ما أتت شهرة الاشتاذ الإمام من الكتب التي قرأها وأقراها، بل
قامت شهرته بما تمثّل من علوم الإسلام. وعرضه على ميزان العقل،
واستخرج منه حكمةً عملية تنفع أبناء عصره على أسلوب تقبله
النفوس، ولا يصعب حفظه واستظهاره على راويه وسامعه.
حضرتُ دروسه في الرواق العّباسي بالازهر في سنة 901 1 م في
التفسير، وكان مما عالجه من الموضوعات ثلاثة دروس عرض في
الدرسين الأولين لايات الربا، وف! رها بما فسَّرها به المفسِّرون،
وأورد ما فُتج عليه من معان جديدة فيها، وكان الدرس الثالث فيما أثّره
الرّبا في البيوت المصرئة، وكان فيه خرابها. واستخرج من روح
الكتاب العزيز معاني جديدة فيها، هي موضع الدهشة من كلامه " (2).
وقد أخذ كرد علي! ي مواضع من (مذكراته) وكتابه (اقوالنا وأفعالنا)
على الشيوخ ثم تقاعسهم عن أداء واجبهم، وعدم تبليغ رسالة الإسلام
بالحق، وقد نفر البعضُ من كرد علي بسبب تحامله على الشيوخ، لكنَّ
الحقّ الذي يجب أن يقال: إن المهم هو ما سطره بقلمه في كتبه من
(1)
(2)
بليدة في جبل الشوف.
المذكرات 2/ 1 4 6.
62

الصفحة 62