كتاب محمد كرد علي المؤرخ البحاثة والصحافي الأديب

تبيان لحضارة الإسلام، والأهمّ من ذلك كلّه عندما خضَص بحثاً في
(مذكراته) بعنوان (أنا والعقيدة) (1)، ومما قاله فيه: "قَوِيَتْ في نفسي
هذه العقيدة عندما درستُ الإسلام دراسةً علميّة، وتدبّرتُ القران وسيرة
الرسول! ي! واصحابه، وأخذت الشريعة من أصفى مصادرها،
وأحببتُ جملةً من علمائنا، ودابتُ زمناً أنظر فيما كتبوا، بعيداً في
الجملة عن التقليد، ولما جاءت نوبة العمل كنتُ ادوّن ما علمتُ،
ومع هذا رأيتُ أن أتباعد عن الأبحاث الدينية لعلمي بأنّ في الأمة أناساً
كثيرين انقطعوا إليها، وآثرتُ ان اوخه وجهي شطر علوم المدنية،
لاعتقادي نفعها في إنهاض الأمة، وامة لا تصلج دنياها لا يغني عنها
دينها، والدنيا مزرعة الاَخرة. . .
حَكَّمتُ العقلَ فيما عرض لي من القضايا الدينية، فلم أستطع حلّ
بعض مسائل الاَخرة من طريق العقل، وسلّمتُ بما جاء، ولم يكن
ما استعصى عليئَ إدراكه سبباً في خروجي على الدّين كفه، قبلتُ العقيدة
بالتسليم، واعتقدتُ اعتقاداً جازماً بخالق الاكوان، وقلتُ: إنّه لا يطلب
من كلّ إنسان ان يعرف كلّ سز، وأن يعلّل بالمنطق كلّ أمر. . .
اهمّني من الدِّين قبل كلّ امر جوهره وتعاليمه الاجتماعية، فعففتُ
عن كلّ مالٍ محرّم في الشرع والعقل، وما رأيتُ في استخدام الكذب
فائدة، وصنتُ قلمي ولساني عنه (2). .
8 2 - رحلا ته:
زار الأستاذ الرئيس كثيراً من الدول الأوربيّة، فقد زار فرنسة،
وإنكلترة، وإيطالية، وألمانية، وسويسرة، والنمسة، والمجر،
(1)
(2)
ا لمذكرا ت 2/ 87 4.
ا لمذكرا ت 2/ 1 9 4.
63

الصفحة 63