كتاب محمد كرد علي المؤرخ البحاثة والصحافي الأديب

وَمِن شريف قوله وبليغ أخلاقه عندما كتب كرد علي: "إلى ابني
الروحي صلاح الدين المنجد: عجبتَ لما نزلتُ عن صورة مخطوطة من
كتاب (رسل الملوك) لابن الفراء، وكان عليك أن تعجب إن لم أدفعها
إليك. كنتُ في كل زمن أرى الضنانة بالعلم أبشعَ انواع الضَننِّ،
والكتابُ سواء نشرته أنا، أو طبعه غيري، فالمهم أن يصدرَ للناس،
وينتفعوا بموضوعه الطريف. وقد وُفقْتَ ونشرته في حلّة أنيقة، وعلّقت
عليه ما زاد 5 إمتاعاً، واتبعته بملحق أماط النقاب عن حقائق جفة،
وجاء أكثر فائدة من الأصل. جليْتَ الغامضَ، وبسطتَ المجمل،
فجزاك اللّه خيراً عن العلم.
إنّي ما زلتُ أعجب بمن يعرف واجبه، ولو كان في مؤلّفينا الشباب
كثيرون مثلك يقومون بواجبهم لكانت الشام اليوم ارقى من مصر. سِرْ
في سبيلك، ولا تتوانَ لحظة عن متابعةِ ما أنتَ بصدد 5، فقد استعددت
لما تخوض عبابه، وستستعيد مجد الأجداد، وأثبت انّك ابن عبد الله
شيخ القزاء (1) في دمشق عليه الرحمة " (2).
2 3 - أؤلياته:
إن النابغين من أبناء الأفة هم مَن يُسخلون اوّليات في حياتهم،
(1)
(2)
عبد الله بن سليم المنجّد (1288 - 359 اهـ= 1872 - 940 ام)،
الدمشقي، الشافعي، أبوالحسن، شيخ قراء العشر الكبرى، بمضفن
الطيبة والنثر، نشأ في بيت تجارة وعلم، وتلقى القراءة على شيخ قراء
دمشق اَنذاك على الثخ أحمد الحلواني الكبير، والثخ عبد الرحيم دب!
وزيت، وغيرههما. وطلب العلم على شيوخ عصره، فدرس العلوم العربية
والتفسير والحديث والفقه الشافعي على الثخ بكري العطار، وقرأ كتب
الحديث الستة علئ الثخ محمد عطا الكسم، وأجاز 5 علماء آخرون. انظر
ترجمته "في تاريخ علماء دمشق في القرن الرابع عثر الهجري! 1/ 529.
المذكرات 1/ 115.
76

الصفحة 76