كتاب مصطفى أحمد الزرقا فقيه العصر وشيخ الحقوقيين

ومع نبوغه في البيان حتى عُدَّ اليوم من كبار فطاحله، وقد كان قاضياً درس
القانون دراسةَ الباحث المتخصص!.
على أنّي فيما تذكَّرتُ أنَّ الأستاذ الزرقا قد عالج الشعرَ على
صفحات مجلة (الرسالة) (1)، والشعر المسرحي ذا الموهبة النادرة، حيث
كتب مسرحية قصيرة تدورُ حول موضوع طريف؟ لأنَّ الشاعر الكبير
الأستاذ عزيز أباظة حين فقد زوجته الحبيبة، ورثاها بديوان كامل، كان قد
قال في بعض مَرْثَيَاتِه:
سَألقَاكِ لَمْ يشغَلْ فَراغ تَرَكْتِهِ بِبَيْيي، ولَمْ يُمْلأ مَكَانُكِ مِنْ قَلْبِي
ثم نزل على حكم الائام، فتزوَّج واحبّ، وهنا شاء الأستاذ الزرقا-
وكان حينئذٍ أستاذ الحقوق المدنية في الجامعة السورية كما وقَّع مسرحيته
- أن يتخيَّل سيدات فُضليات جلسنَ يبحثنَ أمرَ الشاعر حين أخلف عهده،
وهُنَّ رفيفات مخلصات للزوجة الراحلة، ومعهنّ الشاعر عبد الرحمن
صدقي، الذي رثى زوجته بديوان، ثم تزوَّجَ أيضاً من بعدُ، وقد قال
الأستاذ الزرقا على لسانِ مَنْ سمَّاها سعاد:
(عَزِيْزُ) لِفَقْدِهَا ذُو اللُّبِّ طَاشَا وكَانَ وَفاؤكَ العجبَ انْتِعَاشَا
اتَبْغِي بَعْدَهَا أنْساً بِزَوجٍ وتَبْنِي بَعْدَ مَا رَحَلَتْ فِرَاشَا
ودار الحوار المسرحي على مدى صفحتين كاملتين من صفحات
الرسالة، وليسَ من غايتي الاَن أن أزن قدرة الزرقا المسرحية، ولا مقدرته
الشعرية، ولكنّي أريد أن أُسجِّل أنَّ من خير الفقيه، ومن سعة النفع بآثار 5
أن يكون أديباً مفطوراً على الأسلوب المبين، لأنَّ هذا يجعلُ قرّاء5 في
(1) مجلة الرسالة، العدد (698)، 18/ 1 1/ 963 أم.
12

الصفحة 12